للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيدخل مكة نهارًا، وإذا نفر منها، مر بذي طوى وبات بها حتى

ــ

رأسه وقال الشافعية: إن عجز عن الغسل تيمم. وقال ابن التين: لم يذكر أصحابنا الغسل لدخول مكة، وإنما ذكروه للطواف، والغسل لدخول مكة هو في الحقيقة للطواف – انتهى. وقال ابن قدامة: يستحب الاغتسال لدخول مكة، لأن ابن عمر كان يغتسل ثم يدخل مكة نهارًا، ويُذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله، ولأن مكة مجمع أهل النسك فإذا قصدها استحب له الاغتسال كالخارج إلى الجمعة، والمرأة كالرجل وإن كان حائضًا أو نفساء لأن الغسل يراد به التنظيف وهذا يحصل مع الحيض فاستحب لها ذلك، وهذا مذهب الشافعي - انتهى. قلت: وهو مذهب أبي حنيفة أيضًا، فهذا الغسل عند الأئمة الثلاثة الشافعي وأحمد وأبي حنيفة لدخول مكة كما هو مصرح في كتب فروعهم ومناسكهم كما هو ظاهر أثر ابن عمر أنه كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم ولدخول مكة، ولم يحتج إلى غسل للطواف لأنه ليس بين الدخول والطواف كبير فصل، فيجتمع في غسله هذا أمران دخول مكة وطواف بيت الله، ويؤيد ذلك ما قاله العيني: أن الغسل لدخول مكة ليس لكونه محرمًا وإنما لحرمة مكة حتى يستحب لمن كان حلالاً أيضًا، وقد اغتسل لها - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح وكان حلالاً أفاد ذلك الإمام الشافعي في الأم - انتهى. وأما عند المالكية فالغسل المذكور في الحديث وفي الأثر للطواف لا للدخول، قال الباجي: أضاف الغسل أي في أثر ابن عمر إلى دخول مكة وإن كان مقصوده الطواف لأنه يفعل عند دخول مكة ليتصل الدخول بالطواف، والغسل في الحقيقة للطواف دون الدخول، ولذلك لا تغتسل الحائض ولا النفساء لدخول مكة لتعذر الطواف عليهما – انتهى. وفي الشرح الكبير للدردير: وندب الغسل لدخول غير حائض ونفساء مكة بطوى، لأن الغسل في الحقيقة للطواف فلا يؤمر به إلا من يصح منه الطواف، وقوله ((بطوى)) حقه أن يقول: وبطوى. لأنه مندوب ثان – انتهى. (فيدخل مكة نهاراً) فيه استحباب دخول مكة نهارًا. قال النووي: وهذا هو الصحيح الذي عليه الأكثرون من أصحابنا وغيرهم أن دخولها نهارًا أفضل من الليل. وقال بعض أصحابنا وجماعة من السلف: الليل والنهار في ذلك سواء ولا فضيلة لأحدهما على الآخر، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخلها محرمًا بعمرة الجعرانة ليلاً، ومن قال بالأول حمله على بيان الجواز – انتهى. وقال الحافظ: وأما الدخول ليلاً فلم يقع منه - صلى الله عليه وسلم - إلا في عمرة الجعرانة فإنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم من الجعرانة ودخل مكة ليلاً فقضى أمر العمرة ثم رجع ليلاً فأصبح بالجعرانة كبائت، كما رواه أصحاب السنن الثلاثة من حديث محرش الكعبي، وترجم عليه النسائي ((دخول مكة ليلاً)) وروى سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يستحبون أن يدخلوا مكة نهاراً ويخرجوا منها ليلاً، وأخرج عن عطاء: إن شئتم فادخلوا مكة ليلاً، وإن شئتم فادخلوها نهارًا، إنكم لستم في ذلك كالنبي - صلى الله عليه وسلم - إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إمامًا فأحب أن يدخلها نهارًا ليراه الناس – انتهى. قال الحافظ: وقضية هذا أن من كان إماماً يقتدى به استحب له أن يدخلها نهارًا (وإذا نفر) أي خرج (منها) أي من مكة (مر بذي طوى وبات بها حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>