يديه. قال ابن المنذر: وبه أقول. قال النووي: وهو مذهبنا. وقال الشافعي بعد أن أورد حديث ابن جريج: ليس في رفع اليدين عند رؤية البيت شيء فلا أكرهه ولا أستحبه. قال البيهقي: وكأنه لم يعتمد على الحديث لانقطاعه. قال ابن قدامة (ج ٣: ص ٣٦٩) : ويستحب رفع اليدين عند رؤية البيت، رُوي ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وبه قال الثوري وابن المبارك والشافعي وإسحاق بن راهويه، وكان مالك لا يرى رفع اليدين لما رُوي عن المهاجر المكي، قال سئل جابر بن عبد الله فذكر حديث الباب ثم قال: ولنا ما روى أبو بكر بن المنذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن: افتتاح الصلاة واستقبال البيت – الحديث. قال ابن قدامة: وهذا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وذاك من قول جابر، وخبره عن ظنه وفعله، وقد خالفه ابن عمر وابن عباس، ولأن الدعاء مستحب عند رؤية البيت، وقد أمر برفع اليدين عند الدعاء – انتهى. وقال النووي في شرح المهذب: قال أصحابنا رواية المثبت للرفع أولى، لأن معه زيادة علم، وقال البيهقي رواية غير جابر في إثبات الرفع مع إرسالها أشهر عند أهل العلم من حديث مهاجر وله شواهد، وإن كانت مرسلة. والقول في مثل هذا قول من رأى وأثبت. وقال الخطابي في المعالم: قد اختلف الناس في هذا فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وضعف هؤلاء حديث جابر لأن مهاجراً راويه عندهم مجهول، وذهبوا على حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ترفع الأيدي في سبعة مواطن، إلخ – ورُوي عن ابن عمر أنه كان يرفع اليدين عند رؤية البيت، وعن ابن عباس مثل ذلك – انتهى. قلت: قد تقدم أن مهاجرًا المكي وثقه ابن حبان، وقال الحافظ: إنه مقبول. فحديث جابر على الأقل حسن. وأما حديث ابن عباس في رفع الأيدي في سبعة مواطن ففي سنده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ. قال الشوكاني: ليس في الباب ما يدل على مشروعية رفع اليدين عند رؤية البيت وهو حكم شرعي لا يثبت إلا بالدليل، وأما الدعاء عند رؤية البيت فقد رويت فيه أخبار وآثار، منها ما أخرجه ابن المغلس أن عمر كان إذا نظر إلى البيت قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام. ورواه سعيد بن منصور في السنن عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد ولم يذكر عمر، ورواه الحاكم عن عمر أيضًا. وكذلك رواه البيهقي عنه – انتهى. تنبيه: قال الطبري: وأول موضع يقع فيه بصره على البيت رأس الردم لمن يأتي من أعلى مكة، وقد كان ذلك فأما اليوم فقد سد بالأبنية. وقال ابن جاسر: والدعاء المذكور يقوله إذا عاين البيت لا عند وصوله للمحل الذي كان يرى منه البيت قبل ارتفاع الأبنية وهو المسمى أولاً برأس الردم والآن يسمى بالمدعى. قال شيخ الإسلام: ولم يكن قديمًا بمكة بناء يعلو على البيت ولا كان فوق الصفا والمروة والمشعر الحرام بناء ولا كان بمنى بناء ولا بعرفات مسجد ولا عند الجمرات مسجد، بل كل هذه محدثة بعد الخلفاء الراشدين، ومنها ما أحدث بعد الدولة الأموية، فكان البيت يرى قبل دخول المسجد، فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلك أي الرفع