ياقوتتان. من ياقوت الجنة، طمس الله نورهما، ولو لم يطمس نورهما لأضاء ما بين المشرق والمغرب ".
ــ
آثار قدميه ظاهرة فيه، ولم يزل هذا معروفًا تعرفه العرب في جاهليتها، ولهذا قال أبو طالب في قصيدته المعروفة اللامية:
وموطئي إبراهيم في الصخر رطبة _ ... على قدميه حافيًا غير ناعل
إلى آخر ما ذكر، وذكره الحافظ في الجزء الثامن عشر من الفتح نقلاً عن ابن الجوزي، وقد أدرك المسلمون ذلك فيه أيضًا كما روى عبد الله بن وهب في موطأه عن أنس والطبري في تفسيره عن قتادة. تنبيه: قد وضع الملك فيصل بن عبد العزيز حفظه الله بعد عصر يوم السبت ثامن عشر رجب سنة ١٣٨٧ هـ المقام بداخل زجاج محاط بشباك صغير على هيأة منارة صغيرة طلبًا للتوسعة على الطائفين، وذلك بعد ما أزيلت الأعمدة والشباك الكبير وسقفهما الذي على المقام، فجزاه الله أحسن الجزاء، وصار المقام بعمله هذا بحيث يشاهد كل أحد فيه أثر قدمي إبراهيم عليه السلام غائصًا، فلله الحمد. تنبيه آخر: كان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت إلى أن أخره عمر رضي الله عنه إلى المكان الذي هو فيه الآن، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح عن عطاء وغيره وعن مجاهد أيضًا، وأخرج البيهقي عن عائشة مثله بسند قوي، ولفظه ((إن المقام كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي زمن أبي بكر ملتصقًا بالبيت ثم أخرجه عمر)) وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن مجاهد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي حوله، والأول أصح، ولم تنكر الصحابة فعل عمر ولا من جاء بعدهم فصار إجماعًا، وكان عمر رأى أن إبقاءه يلزم منه التضييق على الطائفين أو على المصلين فوضعه في مكان يرتفع به الحرج وتهيأ له ذلك، لأنه الذي كان أشار باتخاذه مصلى، وأول من عمل عليه المقصورة الموجودة الآن، كذا في الفتح. وارجع للتفصيل إلى تفسير ابن كثير، وإلى القرى (ص ٣٠٨) لمحب الدين الطبري. تنبيه ثالث: قال ابن جاسر: إذا حصل على الطائفين زحام من جهة مقام إبراهيم فإنه يسوغ تأخيره بقدر إزالة الضرر، لأن المقام ليس هو البقعة التي هو بها الآن، وإنما هو نفس الحجر، والله أعلم (ياقوتتان من ياقوت الجنة) قال القاري: المراد به الجنس فالمعنى أنهما من يواقيت الجنة. قلت: وقع عند ابن حبان والبيهقي في رواية والحاكم ((من يواقيت الجنة)) (طمس الله نورهما) أي أذهبه. قال القاري: أي بمساس المشركين لهما، ولعل الحكم في طمسهم ليكون الإيمان غيبيًا لا عينيًا، وقال الشاه ولي الدهلوي: يحتمل أن يكونا من الجنة في الأصل فلما جعلا في الأرض اقتضت الحكمة أن يرعى فيهما حكم نشأة الأرض فطمس نورهما (ولو لم يطمس) على بناء الفاعل، ويجوز أن يكون على بناء المفعول (لأضاء) كذا في طبعات الهند بصيغة الإفراد أي لأضاء كل واحد، أو هو لازم أي لاستنار بهما (ما بين المشرق والمغرب) وفي النسخ المصرية ((لأضاءا)) أي بالتثنية، وهكذا وقع في المصابيح، وفي رواية للحاكم، ولأحمد، وللترمذي وابن حبان والبيهقي ((لأضاءتا)) بصيغة التثنية للمؤنث أي لأنارتاه، فأضاء متعد. قال التوربشتي: لما كان الياقوت من