شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن – أو تملأ – ما بين السماوات والأرض،
ــ
والمراد به المصدر أي التطهر، وروي بالفتح على حذف المضاف، أي استعماله، وفي بعض الروايات الوضوء بدل الطهور. (شطر الإيمان) أي نصفه، قيل: المراد به الترغيب في الطهور، وتعظيم ثوابه، حتى كأنه بلغ إلى نصف ثواب الإيمان. وقيل: الإيمان يكفر الصغائر والكبائر والوضوء لا يكفر إلا الصغائر، فكان في مرتبة نصف الإيمان. وقيل: المراد بالإيمان الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا بالطهارة فصارت كالشطر. وتوضيحه أن صحة الصلاة باستجماع الشرائط الخارجة عنها، والأركان الداخلة فيها. والطهارة أقوى الشرائط وأعظمها. فجعلت كأنها لا شرط سواها، واعتبرت الأركان والشرائط نصفاً، والطهارة وحدها نصفاً آخر على سبيل المبالغة والإدعاء. وقيل: المراد بالطهور ههنا التخلية عن الرذائل من العقائد الزائغة، والأخلاق الذميمة، والجرائم، والآثام، ولأحداث والأخباث. ومن المعلوم أن الإيمان موجب التخلية عن الرذائل والتحلية بالفواضل، فيكون الطهور شطر الإيمان. ويرد هذا الاحتمال رواية "الوضوء شطر الإيمان" وكذا رواية إسباغ الوضوء. وقيل: المراد بالشطر الجزء، والمعنى أن الطهارة جزء من أجزاء الإيمان، وركن من أركان الإسلام، وقد تقدم أن الأعمال من أجزاء الإيمان. وهذا أيضاً ضعيف، يرده حديث رجل من بني سليم بلفظ "الطهور نصف الإيمان"، وأيضاً إنما يعرف استعمال الشطر لغة في النصف. (والحمد لله) أي تلفظه. (تملأ) بالتأنيث على تأويل الكلمة أو الجملة، وروي بالتذكير على إرادة اللفظ والكلام، أو المضاف المقدر أي ثوابها لو قدر مجسماً لملأ. (الميزان) فمعناه بيان عظيم أجرها وأن ثوابها يملأ الميزان، أو محمول على أن الأقوال والأعمال والمعاني تتجسد يوم القيامة عند الوزن، وقد تظاهرت نصوص الشرع من القرآن والسنة على وزن الأعمال، وثقل الموازين وخفتها، وأما القول بأن الأعمال والأقوال أعراض مستحيلة البقاء، غير متصفة بالثقل والخفة، فمن هفوات الأهفاء وسقطات الحمقاء، قد أبطلها وحقق خلافها الفلسفة الحديثة الجديدة. وقال السندى: ولعل الأعمال تصير أجساماً لطيفة نورانية، لا تزاحم بعضها ولا تزاحم غيرها أيضاً، كما هو المشاهد في الأنوار، إذ يمكن أن يسرج ألف سراج في بيت واحد مع أنه يمتلئ نوراً من واحد من تلك السرج لكن لكونها لا يزاحم يجتمع معه نور ثاني ونور ثالث، ثم لا يمنع امتلاء البيت من النور جلوس القاعدين فيه لعدم التزاحم، فلا يرد أنه كيف يتصور ذلك مع كثرة التسبيحات والتقديسات، مع أنه يلزم من وجوده أن لا يبقى مكان لشخص من أهل المحشر، ولا لعمل آخر متجسد مثل تجسد التسبيح وغيره. (تملآن) أي هاتان الجملتان. (أو تملأ) أو للشك من الراوى والضمير في "تملأ" للجملة الشاملة لهما، ويمكن أن يكون الإفراد بتقدير كل واحدة منهما. (ما بين السماوات والأرض) معناه لو قدر ثوابهما جسماً لملأ ما بين السماوات والأرض، وسب عظم فضلهما ما اشتملتا عليه من التنزيه لله تعالى بقوله: سبحان الله، والتفويض والإفتقار إليه بقوله: الحمد لله، وقد أوضحه الشيخ عبد الحق الدهلوي في أشعة اللمعات، فارجع إليها.