عقد الأصابع بالتسبيح سببًا لحفظ العدد، وذكر عن يحيى بن سعيد أنه سئل عن الخرز والنوى يسبح به قال: حسن قد كانت عائشة تقول: إنما الحصى للجمار ليحفظ به التكبيرات – انتهى. واستدل بهذا الحديث على اشتراط رمي الجمار واحدة واحدة لقوله ((يكبر مع كل حصاة)) وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " خذوا عني مناسككم "، وخالف في ذلك عطاء وصاحبه أبو حنيفة فقالا: لو رمى السبع دفعة واحدة أجزأه، كذا ذكره الحافظ. وقال ابن قدامة: وإن رمى الحصاة دفعة واحدة لم يجزه إلا عن واحدة، نص عليه أحمد، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وقال عطاء: يجزئه ويكبر لكل حصاة – انتهى. وما ذكره الحافظ من موافقة أبي حنيفة لعطاء في إجزاء رمي السبع دفعة واحدة لعله أخذه عن صاحب التوضيح من الشافعية كما سيأتي في كلام العيني أو عن الكرماني، فإنه ذهب إلى ذلك حيث قال: إذا وقعت السبع متفرقة على مواضع الجمرات جاز، كما لو جمع بين أسواط الحد بضربة واحدة وإن وقعت على مكان واحد لا يجوز، وليس هذا مشهور في مذهب الحنفية، بل المصرح في فروعهم عدم الإجزاء مطلقًا كما هو قول الأئمة الثلاثة، ففي الهداية: لورمي بسبع حصيات جملة فهذه الجملة واحدة لأن المنصوص عليه تفرق الأفعال، قال العيني في البناية: أي لأن المنصوص هو فعل الرمي بسبع حصيات متفرقات لا عين الحصيات – انتهى. وفي الغنية: الخامس (من الشرائط) تفريق الرميات، فلو رمى بسبع حصيات أو أكثر جملة واحدة لا يجزئه إلا عن واحدة ولو متفرقة عند الأربعة خلافًا لما في الكرماني أنها إذا وقعت متفرفة جاز، وتمامه في المنحة – انتهى. وفي اللباب: الرابع: تفريق الرميات، فلو رمي بسبع حصيات جملة واحدة لم يجزه إلا عن حصاة واحد. قال القاري: لأن المنصوص عليه تفرق الأفعال لا عين الحصيات، فإذا أتى بفعل واحد لا يكون إلا عن حصاة واحدة لاندراجها في ضمن الجملة، إلى آخر ما قال. وقال العيني: اختلفوا في من رمى سبع حصيات مرة واحدة فقال مالك والشافعي: لا يجزئه إلا عن حصاة واحدة ويرمي بعدها ستًا، وقال عطاء تجزئه عن السبع وهو قول أبي حنيفة، وهذا الذي ذكر عن أبي حنيفة ذكره صاحب التوضيح، وذكر في المحيط: ولو رمى إحدى الجمار بسبع حصيات رمية واحدة فهي بمنزلة حصاة وكان عليه أن يرمي ست مرات. قال العيني: العمدة في النقل عن صاحب مذهب من المذاهب على نقل صاحب من أصحاب ذلك المذهب – انتهى. فائدة: قال الحافظ: زاد محمد بن عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن أبيه في هذا الحديث (عند أحمد ج ١: ص ٤٢٧) عن ابن مسعود أنه لما فرغ من رمي جمرة العقبة قال: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا – انتهى. وروى البيهقي في السنن (ج ٥: ص ١٢٩) عن سالم ابن عبد الله بن عمر أنه استبطن الوادي ثم رمي الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة: الله أكبر، الله أكبر، اللهم اجعله حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا وعملاً مشكورًا. وقال: حدثني أبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرمي الجمرة في هذا المكان ويقول كلما رمى بحصاة مثل ما قلت. قال البيهقي: عبد الله بن حكيم بن الأزهر