ويسبحه ويحمده ويدعو الله، ولا يقف عند جمرة العقبة.
ــ
سالم عن ابن عمر في باب خطبة يوم النحر وسنذكر لفظه (ويحمده) من الحمد أو من التحميد (ويدعو الله) قال ابن قدامة (ج ٣: ص ٤٥١) : روى أبو داود أن ابن عمر كان يدعو بدعائه الذي دعى به بعرفة ويزيد ((وأصلح وأتم لنا مناسكنا)) وقال ابن المنذر: كان ابن عمر وابن مسعود يقولان عند الرمي: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا (ولا يقف عند جمرة العقبة) بعد الرمي للدعاء، وجمرة العقبة هي التي يبدأ بها في الرمي في أول يوم، ويقتصر عليها، ثم تصير أخيرة في كل يوم بعد ذلك، ولفظ البخاري فيما رواه عن سالم عن عبد الله بن عمر أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على أثر كل حصاة ثم يتقدم فيسهل فيقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلاً فيدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك فيأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلاً فيدعو ويرفع يديه ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف ويقول: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله. قال الحافظ: قال ابن قدامة: لا نعلم لما تضمنه حديث ابن عمر هذا مخالفًا إلا ما روي عن مالك من ترك رفع اليدين عند الدعاء بعد رمي الجمار، وأما ترك الوقوف عند جمرة العقبة فهو مجمع عليه، حكى الإجماع على ذلك في المحلى شرح الموطأ. وقال الحافظ في الفتح: لا نعرف فيه خلافًا. وقال ابن قدامة (ج ٣: ص ٤٢٧) : ولا يسن الوقوف عندها لأن ابن عمر وابن عباس رويا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف. رواه ابن ماجة – انتهى. وأخرج أبو داود وغيره من رواية سليمان بن عمرو عن أمه وهي أم جندب الأزدية أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقم عندها أي لم يقف عند جمرة العقبة. وتقدم حديث عائشة من رواية أبي داود بلفظ: يقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف عندها. واختلف في تعليل ذلك على أقوال: ففي المحلى: السر في الوقوف والدعاء بعد الأوليين دون العقبة أن يقع الدعاء في وسط العبادة. وقيل: إنها وقعت في ممر الناس، فكان في الوقوف هناك قطع للسبيل على الناس – انتهى. وعامة أهل العلم على الثاني. قال القاري في شرح اللباب: إذا فرغ من الرمي لا يقف للدعاء عند هذه الجمرة في الأيام كلها بل ينصرف داعيًا، ولعل وجه عدم الوقوف للدعاء ها هنا على طبق سائر الجمرات تضييق المكان. وقال النووي: ولا يقف عندها للدعاء. قال ابن حجر: أي لا في يوم النحر ولا في ما بعده لضيق محلها فيضر بغيره، لكن هذا باعتبار ما كان على أنه لو علل بالتفاؤل بالقبول مقارنًا لفراغه منها لم يبعد – انتهى. وقال الباجي: شرع الوقوف عند الأولى والوسطى ولم يشرع عند الآخرة، ويحتمل أن يكون ذلك – والله أعلم – من جهة المعنى أن موضع الجمرتين الأوليين فيه سعة للقيام للدعاء ولمن يرمي، وأما جمرة العقبة فموضعها ضيق للوقوف عندها للدعاء لامتناع الرمي على من يريد الرمي، ولذلك الذي يرميها لا ينصرف على طريقه، وإنما ينصرف من أعلى الجمرة، ولو انصرف من طريقه ذلك