قتادة عن أبي حسان عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أتى ذا الحليفة أشعر بدنته في شقها الأيسر ثم سلت الدم بأصبعه، فلما علت به راحلته البيداء لبى – انتهى. وقد سكت عليه الزيلعي والحافظ في الدراية. قيل: ويؤيده أثر ابن عمر عند مالك، كما سيأتي. قلت: لم أجد رواية صحيحة أو ضعيفة تدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - طعن في بعض البدنة في الشق الأيسر، وفي البعض الآخر في الشق الأيمن. وأما رواية أبي يعلى الموصلي فهي معارضة لما رواه الجماعة إلا البخاري عن ابن عباس في الإشعار في الشق الأيمن فيقدم هذا ويرجح على رواية أبي يعلى. وأما تأويل الباجي لحديث ابن عباس عند مسلم بأنه كان ذلك لصعوبتها أو ليرى الجواز، فلا يخفى ما فيه لأنه احتمال ناشئ من غير دليل. قال ابن قدامة (ج ٣: ص ٥٤٨) : السنة الإشعار في صفحتها اليمنى، وبهذا قال الشافعي وأبو ثور، وقال مالك وأبو يوسف: بل تشعر في صفحتها اليسرى. وعن أحمد مثله لأن ابن عمر فعله. ولنا ما روى ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بذي الحليفة ثم دعا ببدنة وأشعرها من صفحة سنامها الأيمن – الحديث. رواه مسلم. وأما ابن عمر فقد روي عنه كمذهبنا رواه البخاري (معلقًا) ثم فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى من قول ابن عمر وفعله بلا خلاف، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه التيمن في شأنه كله – انتهى. وقال البخاري في صدر ((باب من أشعر بذي الحليفة ثم أحرم)) : وقال نافع كان ابن عمر إذا أهدى من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة يطعن في شق سنامه الأيمن بالشفرة ووجهها قبل القبلة باركة. قال الحافظ: وصله مالك في الموطأ قال: عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا أهدي هديًا من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة، يقلده قبل أن يشعره وذلك في مكان واحد وهو موجه للقبلة، يقلده بنعلين ويشعره من الشق الأيسر ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة ثم يدفع به معهم إذا دفعوا، فإذا قدم منى غداة النحر نحره. وعن نافع عن ابن عمر كان إذا طعن في سنام هديه وهو يشعره قال: بسم الله والله أكبر. وأخرج البيهقي (ج ٥: ص ٢٣٢) من طريق ابن وهب عن مالك وعبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يشعر بدنه من الشق الأيسر إلا أن تكون صعابًا، فإذا لم يستطع أن يدخل بينها أشعر من الشق الأيمن، وإذا أراد أن يشعرها وجهها إلى القبلة، وتبين بهذا أن ابن عمر كان يطعن في الأيمن تارة وفي الأيسر أخري بحسب ما يتهيأ له ذلك – انتهى كلام الحافظ (وسلت) بمهملة ولام ثم مثناة (الدم) أي مسحه وأماطه وأزاله (عنها) أي عن صفحة سنامها، زاد عند أبي داود ((بيده)) وفي أخري عنده أيضًا ((بإصبعه)) قال الخطابي: سلت الدم بيده، أي أماطه بإصبعه، وأصل السلت القطع، يقال: سلت الله أنف فلان أي جدعه (وقلدها) بتشديد اللام (نعلين) فيه دليل على استنان تقليد الإبل بنعلين، وقد وقع الإجماع على استنان تقليد الهدي. قال ابن قدامة: يسن تقليد الهدي وهو أن يجعل في أعناقها النعال وآذان القرب وعراها أو علاقة إداوة سواء كانت إبلاً أو بقرًا أو