للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

................................................................................

ــ

لما ذهب إليه جمهور العلماء من أن نحر البقر جائز وإن كان الذبح مستحبًا عندهم لقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} (٢: ٦٧) وخالف الحسن بن صالح ومجاهد فاستحبا نحرها. وقال مالك: إن ذبح الجزور من غير ضرورة أو نحر الشاة من غير ضرورة لم تؤكل. وقال في الدر المختار: حب النحر للإبل وكره ذبحها، والحكم في غنم وبقر عكسه، فندب ذبحها وكره نحرها لترك السنة. وقال في البدائع: لو نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر يحل لوجود فري الأوداج لكنه يكره (أي فعله لا المذبوح) لأن السنة في الإبل النحر، وفي غيرها الذبح، لأن الأصل في الذكاة إنما هو الأسهل على الحيوان، وما فيه نوع راحة له فهو أفضل والأسهل في الإبل النحر لخلو لبتها عن اللحم واجتماع اللحم فيما سواه من خلفها، والبقر والغنم جميع حلقها لا يختلف – انتهى. وفي شرح الإقناع من فروع الشافعية يسن نحر إبل وذبح بقر وغنم، ويجوز بلا كراهة عكسه. قال البجيرمي: لكنه خلاف الأولى، خلافًا للإمام مالك حيث قال: لا يجوز ذلك. وقال الدردير: وجب نحر إبل ووجب ذبح غيره من غنم وطير، فإن نحرت ولو سهوًا لم تؤكل إن قدر، وجاز للضرورة، أي جاز الذبح في الإبل والنحر في غيرها للضرورة كوقوع في مهواة أو عدم آلة ذبح أو نحر إلا البقر فيندب فيها الذبح. قال الدسوقي: ونحرها خلاف الأولى. ومثل البقر الجاموس وبقر الوحش فيجوز كل من الذبح والنحر فيهما. ومثل البقر في جواز الأمرين ونبد الذبح ما أشبه من حمار الوحش وغيره – انتهى. وقال ابن قدامة: لا خلاف بين أهل العلم في أن المستحب نحر الإبل وذبح ما سواها قال الله تعالى {فصل لربك وأنحر} (١٠٨: ٢) وقال الله تعالى {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} (٢: ٦٧) ومعنى النحر أن يضربها بحربة أو نحوها في الوهدة التي بين أصل عنقها وصدرها، فإن ذبح ما ينحر أو نحر ما يذبح فجائز، هذا قول أكثر أهل العلم منهم عطاء والزهري وقتادة ومالك والليث والثوري وأبوحنيفة والشافعي وإسحاق وأبو ثور، وحكي عن داود أن الإبل لا تباح إلا بالنحر ولا يباح غيرها إلا بالذبح، لأن الله تعالى قال {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} وقال تعالى {فصل لربك وأنحر} والأمر يقتضي الوجوب، وحكي عن مالك أنه لا يجزئ في الإبل إلا النحر، ولنا قوله - صلى الله عليه وسلم - أمرر الدم بما شئت، وعن عائشة قالت: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بقرة واحدة – انتهى مختصرًا. وقال ابن رشد: اتفقوا على أن الذكاة في بهيمة الأنعام نحر وذبح، وأن من سنة الغنم والطير الذبح، وأن من سنة الإبل النحر، وأن البقر يجوز فيها الذبح والنحر واختلفوا هل يجوز النحر في الغنم والطير والذبح في الإبل؟ فذهب مالك إلى أنه لا يجوز النحر في الغنم والطير، ولا الذبح في الإبل، وذلك في غير موضع الضرورة. وقال قوم: يجوز جميع ذلك من غير كراهة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وجماعة العلماء. وقال أشهب: إن نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر أكل، ولكنه يكره، وفرق ابن بكير بين الغنم والإبل فقال: يؤكل البعير بالذبح ولا تؤكل الشاة بالنحر، ولم يختلفوا في جواز ذلك في موضع الضرورة. وسبب اختلافهم معارضة

<<  <  ج: ص:  >  >>