الدهني: إنه صدوق، فإذا تعارضا في الوحدة والتعدد ترجح حديث يونس، وقول الزرقاني " أن زيادته ليست مخالفة لغيره " ليس بصحيح، فإن رواية يونس صريحة في نحر البقرة الواحدة عن أزواجه، ورواية عمار صريحة في التعدد ولا يمكن الجمع بينهما، ولا يصح إرادة الجنس في رواية معمر للتاء الفارقة بين الواحدة والجنس. قال العيني: الفرق بين البقرة والبقر كتمرة وتمر وعلى تقدير عدم التاء يحتمل التضحية بأكثر من واحدة – انتهى. واتفق من قال بالاشتراك على أنه لا يكون في أكثر من سبعة إلا إحدى الروايتين عن سعيد بن المسيب فقال: تجزئ عن عشرة، وبه قال إسحاق بن راهويه وابن خزيمة من الشافعية واحتج لذلك في صحيحه وقواه، وبه قال بن حزم، وبسط في إثباته واستدل لذلك بما تقدم من أحاديث عائشة وأبي هريرة وجابر. وأجاب الجمهور عن ذلك بوجوه قال الشوكاني: قد استدل بقول عائشة المذكور على أن البقرة تجزئ عن أكثر من سبعة، فإن الظاهر أنه لم يتخلف أحد من زوجاته يومئذ وهن تسع، ولكن لا يخفى أن مجرد هذا الظاهر لا تعارض به الأحاديث الصريحة الصحيحة الواردة في إجزاء البقرة عن سبعة فقط المجمع على مدلولها. وقيل إن البقرة كانت عن سبع منهن وعن الباقية لعله ذبح غير البقر، ولا يخفى ما فيه. وأجاب ابن القيم بأن أحاديث السبعة أكثر وأصح، وحاصله أن الروايات في ذلك مختلفة، وحديث عائشة يدل على الإجزاء لأكثر من سبعة، لكن أحاديث الإجزاء لسبعة فقط أكثر وأصح فتقدم. تنبيه: اختلف في أن البقرة المذكورة في حديث عائشة عند مالك والشيخين إضحية كانت أو هديًا وبكلا اللفظين وردت الروايات فروى البخاري في الأضاحي ومسلم أيضًا من طريق ابن عيينة عن عبد الرحمن ابن القاسم بلفظ " ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بالبقر " وأخرجه مسلم من طريق ابن الماجشون عن عبد الرحمن بلفظ " أهدى " بدل " ضحى " قال الحافظ: والظاهر أن التصرف من الرواة لأنه ثبت في الحديث ذكر النحر كما تقدم، فحمله بعضهم على الأضحية، فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك كان عن من اعتمر من نسائه فقويت رواية من رواه بلفظ " أهدى " وتبين أنه هدي التمتع فليس فيه حجة على مالك في قوله " لا ضحايا على أهل منى " وتبين توجيه الاستدلال به على جواز الاشتراك في الهدي والأضحية – انتهى كلام الحافظ. وهذا كما ترى يدل على أنه مال إلى أن البقرة المذكورة كانت هديًا، ونحى في كتاب الأضاحي إلى كونها أضحية حيث قال: قوله " ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه بالبقر " ظاهر في أن الذبح المذكور كان على سبيل الإضحية وحاول ابن التين تأويله ليوافق مذهبه فقال: المراد أنه ذبحها وقت ذبح الأضحية وهو ضحى يوم النحر، قال: وإن حمل على ظاهره فيكون تطوعًا لا على أنها سنة الأضحية، كذا قال. ولا يخفى بعده، واستدل به الجمهور على أن ضحية الرجل تجزئ عنه وعن أهل بيته، وخالف في ذلك الحنفية، وادعى الطحاوي أنه مخصوص أو منسوخ ولم يأت لذلك بدليل – انتهى. وهذا كما ترى رجح ها هنا خلاف ما رجحه في كتاب الحج. وذهب ابن القيم إلى أن الصواب رواية