للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في رأسه برة من فضة، وفي رواية من ذهب. يغيظ بذلك المشركين.

ــ

وفي أخرى له أيضًا (ج ١: ص ٢٦١) : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان أهدى جمل أبي جهل الذي كان استلب يوم بدر عام الحديبية في هديه (في رأسه) أي أنفه (بُرة) بضم الموحدة وفتح الراء المخففة، وأصلها بروة كغرفة لأنها تجمع على برات وبرون كثبات وثبون، وهي حلقة من صفر ونحوه تجعل في أنف البعير أو لحمة أنفه، يشد بها الزمام (من فضة كذا في جميع النسخ من المشكاة والمصابيح، وهكذا وقع عند أحمد (ج ١: ص ٢٦١، ٢٦٩، ٢٧٣) وابن ماجة والبيهقي في رواية وفي أبي داود ((برة فضة)) بالإضافة وهكذا ذكره في جامع الأصول، أي في أنفه حلقة فضة، فإن البرة حلقة من صفر ونحوه تجعل في لحم أنف البعير. وقال الأصمعي: في أحد جانبي المنخرين، لكن لما كان الأنف من الرأس قال ((في رأسه)) على الاتساع، أو هو مجاز المجاورة من حديث قربه من الرأس لا من إطلاق الكل على البعض وعند أحمد (ج ١: ص ٢٣٤) عبرته قصة)) وإنما جعلها أبو جهل من فضة أو ذهب إظهارًا للفخر والعظمة، وقد وقع هذا الجمل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في غنائم بدر فجعله في هديه عام الحديبية ليغيظ به المشركين كما سيأتي (وفي رواية ((من ذهب)) ) ويمكن التعدد باعتبار المنخرين (يغيظ بذلك المشركين) بفتح حرف المضارعة أي يوصل الغيظ إلى قلوبهم في نحر ذلك الجمل، وفيه تلميح إلى قوله تعالى: {ليغيظ بهم الكفار} (٤٨: ٢٩) قال الخطابي: قوله ((يغيظ بذلك المشركين)) معناه أن هذا الجمل كان معروفًا بأبي جهل فحازه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سلبه فكان يغيظهم أن يروه في يده وصاحبه قتيل سليب. وفي الحديث دليل على جواز الذكر في الهدي، وإليه ذهب جماهير أهل العلم. قال الخطابي: في الحديث من الفقه أن الذكر في الهدي جائزة، وقد روى عن عبد الله بن عمر أنه كان يكره ذلك في الإبل، ويرى أن يهدي الإناث منها – قلت: وترجم له البيهقي ((باب جواز الذكر والأنثى في الهدايا)) وابن ماجة ((باب الهدي من الإناث والذكور)) قال البوصيري: قوله ((أهدي في بدنه جملاً)) أي ذكرًا، وكأنه أراد أن النوق كانت هي الغالب، فإذا ثبت إهداء الذكور لزم جواز النوعين – انتهى. قال ابن قدامة (ج ٣: ص ٥٥٠) والذكر والأنثى في الهدي سواء، وممن أجاز ذكران الإبل، ابن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومالك وعطاء والشافعي، وعن ابن عمر أنه قال: ما رأيت أحدًا فاعلاً ذلك، وأن أنحر أنثى أحب إلى. والأول أولى، لأن الله تعالى قال: {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله} (٢٢: ٣٦) ولم يذكر ذكرًا ولا أنثى، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى جملاً لأبي جهل في أنفه برة من فضة، ولأن القصد اللحم، ولحم الذكر أو فر، ولحم الأنثى أرطب فيتساويان – انتهى. وقال النووي في مناسكه: إن صفات الهدي المطلق كصفات الإضحية المطلقة، ويجزئ الذكر والأنثى، وقال ابن حجر في شرحه: والذكر أفضل إن لم يكثر نزواته، وإلا فالأنثى التي لم تلد – انتهى. وفي المدونة: الذكور والإناث عند مالك بدن كلها، وتعجب مالك ممن يقول لا يكون إلا في الإناث. قال مالك: وليس هكذا، قال الله تبارك وتعالى: {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله} ولم يقل ذكرًا ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>