ثم اغمس نعلها في دمها، ثم خل بين الناس وبينها فيأكلونها ". رواه مالك، والترمذي وابن ماجة. ورواه أبو داود، والدارمي عن ناجية الأسلمي.
ــ
بيان لما (ثم اغمس) بكسر الميم من باب ضرب (نعلها) أي المقلدة بها (في دمها) أي ثم اجعلها على صفحتها (ثم خل) بصيغة الأمر من التخلية (بين الناس وبينها) قال الطيبي: التعريف للعهد. والمراد بهم الذين يتبعون القافلة أو جماعة غيرهم من قافلة أخرى – انتهى. قلت: اختلفوا في المراد بالناس، فعند المالكية يدخل فيهم الفقراء والأغنياء من الرفقة وغيرهم غير صاحب الهدي ورسوله، وعند الحنفية هم الفقراء خاصة سواء كانوا من الرفقة أو من غيرهم، وأما عند الشافعية والحنابلة فهم الفقراء لكن من غير أهل الرفقة وهو الراجح عندنا لما تقدم في حديث ابن عباس من قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك، وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلاً (فيأكلونها) أي فهم يأكلونها على حد قوله تعالى {ولا يؤذن لهم فيعتذرون}(٧٧: ٣٦) وإلا لكان الظاهر أن يقال: فيأكلوها. أي بإسقاط النون لجواب الأمر كقوله تعالى {ذرهم يأكلوا}(١٥: ٣)(رواه مالك والترمذي وابن ماجة) أي عن ناجية الخزاعي، هذا هو ظاهر معنى كلام المصنف، وفيه أن الإمام مالكًا روى الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه فقال ((عن صاحب هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي)) – الحديث. فهذا كما ترى لم يسم الرجل ولم ينسبه بل أبهم فقال ((عن صاحب هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) ورواه الترمذي من طريق عبدة بن سليمان، وابن ماجة من طريق وكيع كلاهما عن هشام عن عروة فقالا: عن ناجية الخزاعي، وهكذا رواه أحمد (ج ٤: ص ٣٣٤) ومن طريقه الحاكم (ج ١: ص ٤٤٧) من رواية وكيع وأبي معاوية عن هشام وأخرجه أيضًا ابن حبان من رواية أبي خازم عن هشام فقال: ((عن ناجية الخزاعي)) فاتفق عبدة عند الترمذي ووكيع عند أحمد وابن ماجة والحاكم وأبو معاوية عند أحمد وأبو خازم عند ابن حبان على التسمية والنسبة.
قوله (ورواه أبو داود والدارمي عن ناجية الأسلمي) أخرجه أبو داود من طريق سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه ومن طريق أبي داود رواه البيهقي (ج ٥: ص ٢٤٣) وأخرجه الدارمي من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام فقالا ((عن ناجية الأسلمي)) قال الزرقاني: وكذا رواه جعفر بن عون وروح بن القاسم وغيرهم عن هشام – انتهى. ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب من طريق وهيب بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه فقال ((عن ناجية صاحب هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) فلم يذكر النسبة لا الأسلي ولا الخزاعي. قال الحافظ في الإصابة بعد ذكر طرقه: ولم يسم أحد منهم والد ناجية لكن قال بعضهم الخزاعي وبعضهم الأسلمي، ولا يبعد التعدد، فقد ثبت من حديث ابن عباس أن ذويبًا الخزاعي حدثه أنه كان مع البدن أيضًا ((ففي لفظ عند أحمد أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث معه بالبدن فيقول: إن عطب منها