واعلموا أن خير أعمالكم الصلوة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)) رواه مالك، وأحمد، وابن ماجه، والدارمي.
٢٩٤- (١٢) وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من توضأ على طهر، كتب له عشر حسنات))
ــ
يأتون به، ولا ييأسوا من رحمته فيما يذرون عجزاً وقصوراً لا تقصيراً، وأصل الإحصاء العد والضبط والإحاطة بالشيء. وقيل: معناه لن تحصوا ثوابه وأجره لو استقمتم، قال الطيبي قوله:"لن تحصوا" إخبار وإعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه كما اعترض "ولن تفعلوا" بين الشرط والجزاء في قوله تعالى: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقو النار}[٢: ٢٤] . وكأنه - صلى الله عليه وسلم - لما أمرهم بالاستقامة وهي شاقة جداً كما مر، تداركه بقوله: لن تحصوا، رحمة وشفقة، كما قال:{فاتقو الله ما استطعتم}[٦٤: ١٦] بعد قوله: {اتقوا الله حق تقاته}[٣: ١٠٢] . ثم نبههم على ما يتيسر لهم من ذلك بقوله:(واعلموا) أي إن لم تطيقوا ما أمرتم به من الاستقامة فحق عليكم أن تلزموا بعضها، وهي الصلاة الجامعة لأنواع العبادات: القراءة، والتسبيح، والتهليل، والإمساك عن كلام الغير، والمفطرات، فالزموها وأقيموا حدودها لاسيما مقدمتها التي هي شطر الإيمان وهو الوضوء، وأيضاً في ذكر الصلاة إشارة إلى تطهير الباطن؛ لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر. وفي ذكر الوضوء إلى تطهير الظاهر، انتهى مختصراً. (إن خير أعمالكم) أي أفضلها وأتمها دلالة على الاستقامة. (الصلاة) أي المكتوبة أو جنسها. والأحاديث في خير الأعمال جاءت متعارضة صورة فينبغي التوفيق بحمل "خير أعمالكم" على معنى "من خير أعمالكم" كما يدل عليه حديث ابن عمرو، عند ابن ماجه. (ولا يحافظ على الوضوء) أي على الدوام، وتركه لبيان الجواز لئلا يلتبس الفضل بالفرض، واليان عليه واجب، فالترك في حقه خير من الدوام عليه، فإن غايته أن يكون مندوباً. (إلا مؤمن) أي كامل في إيمانه فإن الظاهر عنوان الباطن، فطهارة الظاهر دليل على طهارة الباطن سيما الوضوء على المكاره. والمراد بالمؤمن الجنس، والتنكير للتعظيم. (رواه مالك) أي بلاغاً، ورواه (أحمد) من طريق سالم بن أبي الجعد عن ثوبان، ومن طريق حسان بن عطية عن أبي كبشة السلولي عن ثوبان، ومن طريق حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن ثوبان. والطريق الأول منقطع، فإن سالم بن الجعد لم يسمع من ثوبان بلا خلاف. (وابن ماجه) منقطعاً من طريق سالم بن أبي الجعد عن ثوبان. (والدارمي) منقطعاً ومتصلاً. وأخرجه أيضاً الحاكم منقطعاً، وابن حبان في صحيحه متصلاً، والبيهقي. وأخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو، وفيه ليث بن سليم، وعن أبي أمامة، وفيه أبوحفص الدمشقي، وهو مجهول، والطبراني عن سلمة بن الأكوع وعبادة بن الصامت.
٢٩٤- قوله:(من توضأ على طهر)"على" بمعنى مع أي وضوء مصاحباً لطهر، وقيل: أو ثابتاً على طهر تشبيهاً لثبوته على ظهر وصف الطهر بثبوت الراكب على مركوبه، واستعارة لفظة "على" المستعملة في الثاني للأول، كما قالوا في قوله تعالى {أولئك على هدى}[٢: ٥] . (كتب له عشر حسنات) بالوضوء المجدد، وقيل: أي عشر وضوءات،