نصب الراية. قلت: حديث ابن عباس أقل درجاته الحسن، فقول النووي إنه حديث رواه أبو داود بإسناد حسن، وكذا قول من وافقه في تحسين إسناد الحديث وتقويته أصوب مما نقله الزيلعي عن ابن القطان وسكت عليه، فقول ابن جريج في رواية أبي داود ((بلغني عن صفية بنت شيبة)) تفسره الرواية التي بين فيها ابن جريج أن من بلغه عن صفية المذكورة هو عبد الحميد بن جبير بن شيبة وهو ثقة معروف وقد صرح في رواية الدارمي والدارقطني والبيهقي بما يدل على سماعه عن عبد الحميد بن جبير، وأما قول ابن القطان: أن أم عثمان بنت أبي سفيان لا يعرف حالها، ففيه قصور ظاهر جدًا، لأن أم عثمان المذكورة من الصحابيات المبايعات، قد روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن ابن عباس كما في الاستيعاب والإصابة وأسد الغابة، فدعوى أنها لا يعرف حالها ظاهرة السقوط، وأما قول ابن القطان: أن توثيق أبي داود لأبي يعقوب غير كاف وأن أبا يعقوب المذكور إن قيل إنه إسحاق بن إبراهيم أبي إسرائيل فذاك رجل تركه الناس لسوء رأيه، فجوابه أن أبا يعقوب المذكور هو إسحاق بن أبي إسرائيل، واسم أبي إسرائيل، إبراهيم بن كامجرا المروزي نزيل بغداد، وقد وثقه أبو داود، وأثنى عليه غير واحد من أجلاء العلماء بالرجال، وقال فيه الذهبي في الميزان (ج ١: ص ٨٥) : حافظ شهير، قال: ووثقه يحيى بن معين والدارقطني، وقال صالح جزرة: صدوق إلا أنه كان يقف في القرآن ولا يقول غير مخلوق، بل يقول ((كلام الله)) ويسكت. وقال فيه الحافظ في تهذيب التهذيب (ج ١: ص ٢٢٣) : قال ابن معين: ثقة، وقال أيضًا: من ثقات المسلمين ما كتب حديثًا قط عن أحد من الناس إلا ما خطه هو في ألواحه أو كتابه، وقال أيضًا: ثقة مأمون أثبت من القواريري وأكيس، والقواريري ثقة صدوق، وليس هو مثل إسحاق، وذكر غير هذا من ثناء ابن معين عليه وتفضيله على بعض الثقات المعروفين، ثم قال: وقال الدارقطني: ثقة، وقال البغوي: كان ثقة مأمونًا إلا أنه كان قليل العقل، وثناء أئمة الرجال عليه في الحفظ والعدالة كثير مشهور، وإنما نقموا عليه أنه كان يقول: القرآن كلام الله ويسكت عندها ولا يقول غير مخلوق، ومن هنا جعلوه واقفيًا، وتكلموا في حديثه، كما قال فيه صالح جزرة: صدوق في الحديث إلا أنه يقول: القرآن كلام الله، ويقف. وقال الساجي: تركوه لموضع الوقف وكان صدوقًا. وقال أحمد: إسحاق بن إسرائيل واقفي مشئوم إلا أنه صاحب حديث كيس. وقال السراج: سمعته يقول: هؤلاء الصبيان يقولون: كلام الله غير مخلوق، ألا قالوا: كلام الله وسكتوا، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين عنه، فقال: ثقة. قال عثمان: لم يكن أظهر الوقف حين سألت يحيى عنه، ويوم كتبنا عنه كان مستورًا. وقال عبدوس النيسابوري: كان حافظًا جدًا، ولم يكن مثله في الحفظ والورع، وكان لقي المشائخ فقيل كان يتهم بالوقف؟ قال: نعم اتهم وليس بمتهم، وقال مصعب الزبيري: ناظرته فقال: لم أقل على الشك ولكني أسكت كما سكت القوم قبلي، والحاصل أنهم متفقون على ثقته وأمانته بالنسبة إلى الحديث إلا أنهم كانوا يتهمونه بالوقف. وقد رأيت قول من نفي عنه التهمة