٢٦٨٥ – (٣) وعن سالم عن ابن عمر، أنه كان يرمي جمرة الدنيا بسبع حصيات، يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم حتى يسهل، فيقوم مستقبل القبلة طويلاً، ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى بسبع حصيات،
ــ
٢٦٨٥- قوله (كان يرمي جمرة الدنيا) كذا في جميع النسخ وهكذا وقع في المصابيح أي بإضافة الجمرة إلى الدنيا. وفي البخاري ((الجمرة الدنيا)) قال التوربشتي: الجمرة واحدة جمرات المناسك. وهي ثلاث جمرات واحد منها ذات العقبة وهي مما يلي مكة ولا يرمي يوم النحر إلا جمرة ذات العقبة، وبعد يوم النحر يرمي الثلاث، والسنة فيها ما ذكر في الحديث، والدنيا هي التي يبدأ بها، ووصفها بالدنيا (أي القربى) لكونها أقرب إلى منازل النازلين عند مسجد الخيف، وهنالك كان مناخ النبي - صلى الله عليه وسلم - وإضافتها إلى الدنيا كإضافة المسجد إلى الجامع من إضافة الموصف إلى الصفة، ويحتمل أن يكون فيه حذف أي جمرة البقعة الدنيا كقولك ((حق اليقين)) (بسبع حصيات) في كل يوم من أيام التشريق (يكبر على إثر كل حصاة) بكسر الهمزة وسكون المثلثة وبفتحهما أي عقيب كل واحدة من الحصى، وظاهر هذا تأخير التكبير عن الرمي. وفي رواية أحمد (ج ٢: ص ١٥٢) يكبر مع كل حصاة، وكذا وقع في حديث جابر عند مسلم وغيره وحديث ابن مسعود عند الشيخين، ويأتي في حديث ابن عمر في رمي جمرة العقبة ((يكبر عند كل حصاة)) قال القاري: وهو أعم، والمراد بالمعية خروج الجمرة من اليد فهو مع الرمي باعتبار الابتداء، أو أثره باعتبار الانتهاء – انتهى. وأول بعضهم قوله ((إثر كل حصاة)) بأن المراد عقب إرادة الرمي بها، وإلى المعية أي مقارنة التكبير لكل حصاة ذهب أتباع الأئمة الأربعة كما صرح به الباجي وابن قدامة والنووي، قال الدسوقي: ظاهر المدونة أن التكبير مع كل حصاة سنة، وأشعر قول الدردير مع رمي كل حصاة أنه لا يكبر قبل رميها ولا بعده، ويفوت المندوب بمفارقة الحصاة ليده قبل النطق بالتكبير – انتهى. وفي الهداية ((يكبر مع كل حصاة)) كذا روي عن ابن مسعود وابن عمر – انتهى (ثم يتقدم) أي يذهب قليلاً من ذلك الموضع وفي رواية ((ثم تقدم أمامها)) (حتى يسهل) بضم أوله وسكون المهملة، يقال: أسهل الرجل إذا صار إلى السهل من الأرض، قال الحافظ: أي يقصد السهل من الأرض وهو المكان المستوي الذي لا ارتفاع فيه – انتهى. وقال القاري: أي يدخل المكان السهل وهو اللين ضد الحزن بفتح الحاء وسكون الزاي أي الصعب (فيقوم) مرفوع عطفًا على يتقدم (مستقبل القبلة) أي حال كونه مقابل الكعبة (طويلاً) وفي رواية ((فيقوم قيامًا طويلاً)) (ويدعو) أي قدر سورة البقرة كما تقدم (ويرفع يديه) أي في الدعاء (ثم يرمي الوسطى) وفي رواية ((ثم يرمي الجمرة الوسطى)) أي الجمرة التي بين الأولى والأخرى. قال ابن الهمام: هل هذا الترتيب متعين أو أولى؟ مختلف فيه والذي يقوى عندي استنان الترتيب لا تعيينه، والله أعلم. قال القاري: والأحوط مراعاة الترتيب لأنه واجب عند الشافعي