حبان والنووي والسندي إلى الجمع بين هذه الروايات، قال البخاري في باب الزيارة يوم النحر: وقال أبو الزبير عن عائشة وابن عباس: أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - الزيارة إلى الليل، ويذكر عن أبي حسان عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزور البيت أيام منى، وقال لنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه طاف طوافًا واحدًا ثم يقيل ثم يأتي منى يعني يوم النحر، ورفعه عبد الرزاق قال: حدثنا عبيد الله ثم ذكر البخاري حديث أبي سلمة أن عائشة قالت: حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأفضنا يوم النحر – الحديث. قال الحافظ: كأن البخاري عقب هذا (أي حديث أبي الزبير عن عائشة وابن عباس) بطريق أبي حسان ليجمع بين الأحاديث بذلك فيحمل حديث جابر وابن عمر على اليوم الأول، وحديث ابن عباس وعائشة هذا على بقية الأيام. قال الحافظ: وحديث أبي حسان عن ابن عباس وصله الطبراني (والبيهقي ج ٥: ص ١٤٦) قال: ولرواية أبي حسان هذه شاهد مرسل أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة حدثنا ابن طاوس عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفيض كل ليلة (يعني ليالي منى) . وقال النووي: قوله ((أخر طواف الزيارة يوم النحر إلى الليل)) محمول على أنه عاد للزيارة مع نسائه لا لطواف الإفاضة. قال: ولا بد من هذا التأويل للجمع بين الأحاديث وقال ابن حبان: يشبه أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى ثم أفاض ثم رجع فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة ثم ركب إلى البيت فطاف طوافًا ثانيًا بالليل. قال الطبري بعد ذكر حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزور البيت أيام منى ما لفظه: هذا يؤيد أبي حاتم فلعل زيارته - صلى الله عليه وسلم - وقعت في تلك المرة ليلاً، ويجوز أن يكون هذا منشأ اختلاف الروايات فأراد بعضهم يوم النحر وبعضهم غير يوم النحر، وقد سمى الزيارة إفاضة لأن معنى الإفاضة الدفع بكثرة، ولم يذكر جميعهم أنه كان يوم النحر – انتهى. وقال السندي في حاشية ابن ماجة ((قوله أخر طواف الزيارة إلى الليل)) المعلوم الثابت من فعله - صلى الله عليه وسلم - هو أنه طاف طواف الإفاضة وهو الطواف الفرض قبل الليل، فلعل المراد بهذا الحديث أنه رخص في تأخيره إلى الليل، أو المراد بطواف الزيارة غير طواف الإفاضة، أي إنه كان يقصد زيارة البيت أيام منى بعد طواف الإفاضة فإذا زار طاف أيضًا، وكان يؤخر طواف تلك الزيارة إلى الليل بتأخير تلك الزيارة إلى الليل ولا يذهب على مكة لأجل تلك الزيارة في النهار بعد العصر مثلاً. وقال القاري: قوله أخر طواف الزيارة أي جوز تأخيره يوم النحر إلى الليل إما مطلقًا أو للنساء لما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر ثم صلى الظهر بمكة أو منى. وقال شيخنا في شرح الترمذي: حديث ابن عباس وعائشة المذكور ضعيف كما ستعرف (وكما تقدم) فلا حاجة إلى الجمع الذي أشار إليه البخاري (وغيره) وأما على تقدير الصحة فهذا الجمع متعين، هذا وقد سبق شيء من الكلام في الجواب عن هذا الحديث في شرح حديث جابر الطويل في صفة الحج (رواه الترمذي) إلخ. وأخرجه أيضًا أحمد (ج ١: ص ٢٨٨، ٣٠٩)