عن أبيه، قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرعاء الإبل في البيتوتة: أن يرملوا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر فيرموه
ــ
مؤاخذات، الأولى أن مالكًا أخرج في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي البداح حديثًا، وهذا يدل على تأخر أبي البداح عن عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يدرك العصر النبوي، وقد روى أيضًا عن أبي البداح أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وابنه عبد الملك وغير واحد وأرخ جماعة وفاته سنة (١١٧) وقال الواقدي: مات سنة (١١٠) وله أربع وثمانون سنة، فعلى هذا يكون مولده سنة (٢٦) بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمس عشرة سنة، وهذا كله يدفع أن يكون له صحبة، ويدفع قول ابن مندة: أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال ابن فتحون: قول أبي عمر ((توفي عن سبيعة)) وهم – انتهى. قال ابن سعد: كان أبو البداح ثقة قليل الحديث. وقال الحافظ في التقريب: ثقة من الثالثة، ووهم من قال: له صحبة (عن أبيه) عاصم بن عدي، كان سيد بني عجلان وهو أخو معن بن عدي يكنى أبا عمرو ويقال أبا عبد الله. قال الحافظ في الإصابة: اتفقوا على ذكره في البدريين، ويقال: إنه لم يشهدها بل خرج فكسر فرده النبي - صلى الله عليه وسلم - من الروحاء واستخلفه على العالية من المدينة وهذا هو المعتمد، وبه جزم ابن إسحاق، وأورد الواقدي بسنده إلى أبي البداح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف عاصمًا على أهل قباء والعالية لشيء بلغه عنهم، وضرب له بسهمه وأجره (فكان كمن شهدها ولهذا ذكروه في البدريين) وقال شهد أحدًا وما بعدها، وله ذكر في الصحيح في قصة اللعان. قال ابن سعد وابن السكن وغيرهما: مات سنة (٤٥) وهو ابن مائة وخمس عشرة، وقيل عشرين – انتهى (رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي جوز وأباح (لرعاء الإبل) بكسر الراء والمد جمع راع أي لرعاتها بضم الراء (في البيتوتة) مصدر بات أي رخص لهم في البيتوتة خارج منى أو في ترك البيتوتة، والمعنى: أباح لهم ترك البيتوتة بمنى ليالي أيام التشريق، لأنهم مشغولون برعي الأبل وحفظها، فلو أخذوا بالمقام والمبيت بمنى ضاعت أموالهم. قال الباجي: قوله ((رخص)) يقتضي أن هناك منع خص هذا منه لأن لفظ الرخصة لا تستعمل إلا فيما يخص من المحظور للعذر، وذلك أن للرعاء عذرًا في الكون مع الظهر الذي لابد من مراعاته، والرعي به للحاجة إلى الظهر في الانصراف إلى بعيد البلاد، فأبيح لهم ذلك لهذا المعنى – انتهى. وقد تقدم بيان اختلاف الأئمة في البيتوتة بمنى هل هو واجب أو سنة، وتقدم أيضًا أنهم اتفقوا على سقوطه للرعاء وأهل السقاية، واختلفوا في أنه يختص السقوط بالرعاء وبأهل السقاية أو يعم أهل الأعذار كلها من مرض أو شغل أو حاجة (أن يرموا يوم النحر) أي جمرة العقبة كسائر الحجاج، قال الباجي: أخبر أن رميهم يوم النحر لا يتعلق به رخصة ولا يغير عن وقته ولا إضافته إلى غيره (ثم يجمعوا رمي يومين) أي الحادي عشر والثاني عشر (فيرموه) أي رمي اليومين وقوله ((فيرموه)) هكذا في المشكاة والمصابيح والذي في الترمذي ((فيرمونه)) وكذا وقع عند أحمد وابن