للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: " لا تلبسوا القمص

ــ

نافع، وأخرجه أحمد (ج ٢: ص ٨) عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر فقال مرة: ما يترك؟ ومرة: ما يلبس؟ وأخرجه أبو داود عن ابن عيينة بلفظ ((ما يترك)) من غير شك. ورواه سالم عن ابن عمر بلفظ ((أن رجلاً قال: ما يجتنب المحرم من الثياب)) أخرجه أحمد (ج ٢: ص ٣٤) وابن خزيمة وأبو عوانة في صحيحيهما من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عنه، وأخرجه البخاري في أواخر الحج من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري بلفظ نافع فالاختلاف فيه على الزهري يشعر بأن بعضهم رواه بالمعني فاستقامت رواية نافع لعدم الاختلاف فيها (لا تلبسوا أي مريدوا الإحرام. وفي رواية للبخاري ((لا يلبس)) بالرفع على الخبر على الأشهر وهو في معنى النهي، وروى بالجزم على أنه نهى، وهذا الجواب مطابق للسؤال على إحدى الروايتين وهي قول السائل ما يترك المحرم أو ما يجتنب المحرم؟ وأما على الرواية المشهورة أي قول السائل ((ما يلبس)) فإن المسئول عنه ما يلبسه المحرم فأجيب بذكر ما لا يلبسه، والحكمة فيه أن ما يجتنبه المحرم ويمتنع عليه لبسه محصور فذكره أولى ويبقى ما عداه على الإباحة بخلاف ما يباح له لبسه فإنه كثير غير محصور فذكره تطويل، وفيه تنبيه على أن السائل لم يحسن السؤال وأنه كان الأليق السؤال عما يتركه فعدل عن مطابقته إلى ما هو أولى، وبعض علماء المعاني يسمى هذا أسلوب الحكيم، وقريب منه قوله تعالى {يسألونك ماذا ينفقون، قل ما أنفقتم من خير فللوالدين} (سورة البقرة، الآية ٢١٥) فالسؤال عن جنس المنفق فعدل عنه في الجواب إلى ذكر المنفق عليه لأنه أهم. وكان اعتناء السائل بالسؤال عنه أولى. قال النووي: قال العلماء: هذا الجواب من بديع الكلام وجزله فإنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عما يلبسه المحرم فقال: لا يلبس كذا وكذا فحصل في الجواب أنه لا يلبس المذكورات ويلبس ما عداها، فكان التصريح بما لا يلبس أولى لأنه منحصر، وأما الملبوس الجائز للمحرم فغير منحصر فضبط الجميع بقوله لا يلبس كذا وكذا يعني ويلبس ما سواه – انتهى. وقال البيضاوي: سئل عما يلبس فأجاب بما لا يلبس ليدل بالالتزام من طريق المفهوم على ما يجوز، وإنما عدل عن الجواب لأنه أخصر وأحصر، وفيه إشارة إلى أن حق السؤال أن يكون عما لا يلبس لأنه الحكم العارض في الإحرام المحتاج لبيانه، إذ الجواز ثابت بالأصل معلوم بالاستصحاب فكان الأليق السؤال عما لا يلبس. وقال ابن دقيق العيد: يستفاد منه أن المعتبر في الجواب ما يحصل منه المقصود كيف ما كان، ولو بتغيير أو زيادة ولا يشترط المطابقة (القمص) بضمتين جمع قميص نوع من الثياب معروف وهو الدرع، وذكر ابن الهمام في أبواب النفقة من فتح القدير أنهما سواء إلا أن القميص يكون مجيبًا من قبل الكتف والدرع من قبل الصدر – انتهى. ونبه به وبالسراويلات على جميع ما في معناهما وهو ما كان محيطًا أو مخيطًا معمولاً على قدر البدن أو قدر عضو منه، وذلك مثل الجبة والقميص والقباء والتبان والقفار، وفي البحر عن مناسك ابن أمير الحاج الحلبي أن ضابطه لبس كل شيء معمول على قدر البدن أو

<<  <  ج: ص:  >  >>