فقال: إضح لمن أحرمت له، وبما أخرجه البيهقي أيضًا بإسناد ضعيف عن جابر مرفوعًا ((ما من محرم يضحي للشمس حتى تغرب إلا غربت بذنوبه حتى يعود كما ولدته أمه)) وقوله ((أضح)) بالضاد المعجمة، وكذا ((يضحي)) والمراد أُبرز للشمس، وروى البيهقي أيضًا والشافعي وسعيد بن منصور عن عبد الله بن عياش بن ربيعة قال: حججت مع عمر بن الخطاب فما رأيت مضطربًا فسطاطًا حتى رجع، قيل له: فما كان يصنع؟ قال: يطرح النطع على الشجر فيجلس تحته، قال الشوكاني: ويجاب بأن قول ابن عمر لا حجة فيه، وبأن حديث جابر مع كونه ضعيفًا لا يدل على المطلوب وهو المنع من التظلل ووجوب الكشف لأن غاية ما فيه أنه أفضل، على أن يبعد منه - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل المفضول ويدع الأفضل في مقام التبليغ – انتهى. وقال النووي: حديث جابر ضعيف مع أنه ليس فيه نهي وكذا فعل عمر وقول ابن عمر ليس فيه نهي ولو كان فحديث أم الحصين مقدم عليه – انتهى. قلت: ويدل على الجواز مطلقًا استظلاله - صلى الله عليه وسلم - بالقبة المضروبة في عرفة. وقال الشنقيطي: لا يجوز عند المالكية أن يظلل المحرم على رأسه أو وجهه بعصا فيها ثوب، فإن فعل افتدى، وفيه قول عندهم بعدم لزوم الفدية وهو الحق، وحديث أم الحصين في التظليل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بثوب يقيه الحر وهو يرمي جمرة العقبة، يدل على ذلك، وعلى أنه جائز فالسنة أولى بالإتباع، وأجاز المالكية للمحرم أن يرفع فوق رأسه شيئًا يقيه من المطر، واختلفوا في رفعه فوقه شيئًا يقيه من البرد، والأظهر الجواز لدخوله في معنى الحديث المذكور إذ لا فرق بين الأذى من البرد والحر والمطر، وبعضهم يقول: إن الفدية المذكورة مندوبة لا واجبه ولا بأس عندهم باتقاء الشمس أو الريح باليد يجعلها على رأسه أو وجهه. قال الشنقيطي: ولا خلاف بين أهل العلم في الاستظلال بالخباء والقبة المضروبة والفسطاط والشجرة وأن يرمي عليها ثوبًا، وعن مالك منع إلقاء الثوب على الشجرة، وأجازه عبد الملك بن الماجشون قياسًا على الخيمة وهو الأظهر. قال: والاستظلال بالثوب على العصا عند المالكية إذا فعله وهو سائر لا خلاف في منعه، ولزوم الفدية فيه، وإن فعله وهو نازل ففيه خلاف عندهم. والحق الجواز مطلقًا للحديث المذكور لأن ما ثبتت فيه سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز العدول عنه إلى رأى مجتهد من المجتهدين ولو بلغ ما بلغ من العلم والعدالة لأن سنته - صلى الله عليه وسلم - حجة على كل أحد، وليس قول أحد حجة على سنته - صلى الله عليه وسلم -، وحديث أم الحصين نص صحيح صريح في جواز استظلال المحرم الراكب بثوب مرفوع فوقه يقيه حر الشمس والنازل أحرى بهذا الحكم عند المالكية من الراكب. وهذا الحديث الصحيح المرفوع لا يعارض بما روي من فعل عمر وقول ابنه عبد الله موقوفًا عليهما، ولا بحديث جابر الضعيف في منع استظلال المحرم – انتهى. قلت: وأجاب عن حديث أم الحصين بعض أصحاب مالك بأن هذا المقدار لا يكاد يدوم فهو كما أجاز مالك للمحرم أن يستظل بيده. وقال الطبري: حمل بعض أصحاب مالك الحديث على أنه تساهل لما قارب