ثوبًا يا نافع! فألقيت عليه برنسًا، فقال: تلقي علي هذا وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسه المحرم. رواه أبو داود.
٢٧١٨ - (١٦) وعن عبد الله بن مالك بن بحينة، قال: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم بلحي جمل من طريق مكة في وسط رأسه. متفق عليه.
ــ
الياء (برنسًا) تقدم ضبطه ومعناه (تلقي عليّ) بحذف الاستفهام الإنكاري (هذا) أي الثوب المخيط (وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسه المحرم) قال القاري: فجعل طرحه عليه لبسًا، ومذهبنا أنه يحرم على المحرم لبس المخيط وتغطية بعض الأعضاء بالمخيط وغيره على الوجه المعتاد، والمخيط الملبوس المعمول على قدر البدن أو قدر عضو منه بحيث يحيط به سواء بخياطة أو نسج أو لصق أو غير ذلك، وتفسير لبس المخيط على الوجه المعتاد أن لا يحتاج في حفظه إلى تكلف عند الاشتغال بالعمل، وضده أن يحتاج إليه، قال: ولعل ابن عمر كره ذلك للتشبه بالمخيط، وأطلق اللبس على الطرح مجازًا، ويمكن أنه ألقي عليه على وجه غطى رأسه ووجهه فأنكر عليه فعلى هذا معنى كلامه أتلقي هذا الإلقاء والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى المحرم عن ستر الرأس وتغطيته – انتهى. وقال في اللمعات: لعل مذهب ابن عمر اجتناب المخيط مطلقًا أو فعله احتياطًا، وإلا فالمراد النهي عن لبس المخيط على وجه يتعارف فيه وقد صرحوا به – انتهى. وتقدم شيء من الكلام في ذلك في شرح حديث ابن عمر أول أحاديث هذا الباب (رواه أبو داود) وأخرجه أيضًا أحمد (ج ٢: ص ٣١، ١٤١) والبيهقي (ج ٥: ص ٥٢) وقد سكت عنه أبو داود، وقال المنذري: وأخرج البخاري والنسائي المسند منه بنحوه أتم منه.
٢٧١٨ – قوله (وعن عبد الله بن مالك بن بحينة) بضم الموحدة وفتح الحاء المهملة بعدها ياء ساكنة ثم نون بعدها هاء، اسم أم عبد الله، ولذا كتبت الألف في ابن بحينة (بلحي جمل) بفتح اللام ويجوز كسرها وسكون الحاء وياء مثناة تحتية، وفي بعض الروايات ((بلحيي جمل)) أي بيائين بصيغة التثنية، وجمل بفتح الجيم والميم اسم موضع بطريق مكة كما وقع مبينًا في الرواية، قال الحافظ ذكر البكري في معجمه في رسم العقيق، قال: هي بئر جمل التي ورد ذكرها في حديث أبي جهم في التيمم، وقال غيره يعني ابن وضاح: هي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا – انتهى. وقال صاحب القاموس:((لحي جمل)) موضع بين الحرمين، وإلى المدينة أقرب، وزعم أن السقيا بالضم موضع بين المدينة ووادي الصفراء، وما ظنه بعضهم من أن المراد بلحي جمل أحد فكي الجمل الذي هو ذكر الإبل وأن فكه كان هو آلة الحجامة أي احتجم بعظم جمل فهو غلط لا شك فيه (من طريق مكة) وفي رواية ((بطريق مكة)) (في وسط رأسه) بفتح السين المهملة أي متوسطه، وهذا الاحتجام لا يتصور بدون إزالة الشعر فيحمل على حال الضرورة، والله تعالى أعلم (متفق عليه) أخرجه البخاري في الحج وفي الطب، ومسلم في الحج، وأخرجه أيضًا أحمد (ج ٥: ص ٣٤٥) والنسائي والبيهقي (ج ٥: ص ٦٥) .