بينهما وكان مباشرًا للحال، وابن عباس كان حاكيًا، ومباشر الحال مقدم على حاكيه ألا ترى عائشة كيف أحالت على علي حين سئلت عن مسح الخف وقالت: سلوا عليًا فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - – انتهى بتغيير يسير، وعزاه الزيلعي (ج ٣: ص ١٧٤) للطحاوي وسكت عنه، هذا وقد تقدم الكلام في مسألة التزوج في الإحرام مبسوطًا في شرح أحاديث عثمان وابن عباس ويزيد بن الأصم (رواه أحمد)(ج ٦: ص ٣٩٢)(والترمذي) في الحج، وأخرجه أيضًا ابن خزيمة، والبيهقي (ج ٥: ص ٦٦، وج ٧: ص ٢١١) وابن حبان في صحيحه عن ابن خزيمة كما في نصب الراية كلهم من طريق حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع (وقال) أي الترمذي (هذا حديث حسن) وبعده ((ولا نعلم أحدًا أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة)) وروى مالك بن أنس عن ربيعة عن سليمان بن يسار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو حلال، مرسلاً. ورواه أيضًا سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلاً – انتهى. قال ابن عبد البر في التمهيد بعد ذكر رواية مطر الوراق: هذا عندي غلط من مطر لأن سليمان بن يسار ولد سنة أربع وثلاثين، وقيل سبع وعشرين، ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بقليل، وقتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين فلا يمكن أن يسمع سليمان من أبي رافع، ومن صحيح أن يسمع سليمان بن يسار من ميمونة لما ذكرنا من مولده، ولأن ميمونة مولاته – انتهى. وقال ابن أبي حاتم في المراسيل: حديث سليمان بن يسار عن أبي رافع مرسل، ورد ذلك بما قال الزرقاني بعد ذكر كلام ابن عبد البر من أن سماع سليمان عن أبي رافع ممكن على القول الثاني في ولادته لأنه أدرك نحو ثمان سنين من حياة أبي رافع فلا يتغرب سماعه منه – انتهى. وقال الحافظ في تهذيب التهذيب بعد ذكر كلام ابن عبد البر وابن أبي حاتم ما لفظه: كذا قالا وحديثه عنه في مسلم وصرح بسماعه منه عند ابن أبي خيثمة في تاريخه – انتهى. وقال الطحاوي: حديث أبي رافع إنما رواه مطر الوراق ومطر عندهم ليس ممن يحتج بحديثه وقد رواه مالك وهو أضبط منه فقطعه يعني رواه مرسلاً، قلت: مطر الوراق صدوق صالح الحديث من رواة مسلم، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ وقال الذهبي في الميزان: هو من رجال مسلم حسن الحديث. وقال البيهقي: قد احتج به مسلم بن الحجاج – انتهى. ومن تكلم فيه إنما تكلم في حديثه عن عطاء خاصة، قال في الميزان: قال أحمد ويحيى: هو ضعيف في عطاء خاصة، وقال في تهذيب التهذيب قال أحمد: ما أقربه من ابن أبي ليلى في عطاء خاصة – انتهى. فحديثه عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن لا ينحط عن درجة الحسن ولذا حسنه الترمذي ولم ير إرسال مالك قادحًا في وصله على أنهما حديثان متغايران كما لا يخفى، فلا تعارض بين رواية مطر ورواية مالك حتى يحتاج إلى الترجيح أو الجمع فافهم.