للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

......................................................................................

ــ

الوصف الثاني أن يكون وحشيًا وما ليس بوحشي لا يحرم على المحرم ذبحه ولا أكله كبهيمة الأنعام كلها، والخيل والدجاج ونحوها لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافًا، والاعتبار في ذلك بالأصل لا بالحال، فلو استأنس الوحشي وجب فيه الجزاء، ولو توحش الأهلي لم يجب فيه شيء. وقال الحافظ: اتفقوا على أن المراد بالصيد ما يجوز أكله للحلال من الحيوان الوحشي وأن لا شيء فيما يجوز قتله، واختلفوا في المتولد (أي بين المأكول وغيره) فألحقه الأكثر بالمأكول – انتهى. قال ابن قدامة (ج ٣: ص ٣٤٣) : ولا تأثير للإحرام ولا للحرم في تحريم شيء من الحيوان الأهلي كبهيمة الأنعام ونحوها لأنه ليس بصيد، وإنما حرم الله تعالى الصيد، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذبح البدن في إحرامه في الحرم يتقرب إلى الله سبحانه بذلك، وقال: أفضل الحج العج والثج، يعني إسالة الدماء بالذبح والنحر وليس في هذا اختلاف. وقال البخاري في صحيحه: لم ير ابن عباس وأنس بالذبح (أي بذبح المحرم، وظاهر العموم يتناول الصيد وغيره، ولكن مراده الذبح في غير الصيد) بأسًا، وهو غير الصيد نحو الإبل والغنم والبقر والدجاج والخيل. قال الحافظ: أثر ابن عباس وصله عبد الرزاق من طريق عكرمة أن ابن عباس أمره أن يذبح جزورًا وهو محرم، وأما أثر أنس فوصله ابن أبي شيبة من طريق الصباح البجلي سألت أنس بن مالك عن المحرم يذبح؟ قال: نعم. وقوله ((وهو)) أي المذبوح، إلخ من كلام المصنف قاله تفقهًا، وهو متفق عليه فيما عدا الخيل فإنه مخصوص بمن يبيح أكلها – انتهى. وقال العيني قوله ((وهو غير الصيد)) إلخ. من كلام البخاري أشار به إلى تخصيص العموم الذي فهم من قوله بالذبح وقوله ((وهو)) أي الذبح أي المراد من الذبح المذكور في أثر ابن عباس وأنس هو الذبح في الحيوان الأهلي وهو الذي ذكره بقوله نحو الإبل إلى آخره، وهذا كله متفق عليه في غير ذبح الخيل، فإن فيه خلافًا معروفًا – انتهى. قال القاري: البري المأكول حرام اصطياده على المحرم بالاتفاق وأما غير المأكول فقسمه صاحب البدائع على نوعين، نوع يكون موذيًا طبعًا مبتدئًا بالأذى غالبًا، فللمحرم أن يقتله ولا شيء عليه نحو الأسد والذئب والنمر والفهد، ونوع لا يبتدئ بالأذى غالبًا كالضبع والثعلب وغيرهما، فله أن يقتله إن عدا عليه ولا شيء عليه، وهو قول أصحابنا الثلاثة، وقال زفر: يلزمه الجزاء وإن لم يعد عليه لا يباح له أن يبتدئه بالقتل، وإن قتله ابتداء فعليه الجزاء عندنا – انتهى. قلت: ليست الضبع مثل ما ذكر معها من الثعلب ونحوه لورود النص فيها لأنها صيد يلزم فيه الجزاء كما سيأتي، والراجح عندنا في المراد من الصيد هو ما قدمنا عن الشافعي وأحمد أنه الحيوان البري الوحشي المأكول اللحم فقط وهو ظاهر القرآن العظيم، هذا وقد علم مما تقدم من كلام ابن قدامة أنه لا يجوز للمحرم أكل الصيد إن صاده الحلال بأمره أو بإعانته أو بدلالته أو بإشارته، وهذا مما اتفق العلماء عليه واختلفوا فيما عدا ذلك على ثلاثة أقوال. أحدها: أنه لا يجوز له الأكل مطلقًا أي سواء صيد لأجله أو لا، وحكي هذا عن علي وابن عباس وابن عمر والليث والثوري وإسحاق بن راهويه وطاوس

<<  <  ج: ص:  >  >>