للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحدأة والعقرب

ــ

الغداف ((غراب البين)) والمعروف عند أهل اللغة أنه الأبقع، قيل: سمى غراب البين لأنه بان عن نوح لما أرسله من السفينة ليكشف خبر الأرض فلقى جيفة فوقع عليها ولم يرجع إلى نوح، وكان أهل الجاهلية يتشاءمون به فكانوا إذا نعب مرتين قالوا: آذن بشر، وإذا نعب ثلاثًا قالوا: آذن بخير فأبطل الإسلام ذلك. وقال صاحب الهداية المراد بالغراب في الحديث الغداف والأبقع لأنهما يأكلان الجيف، وأما غراب الزرع فلا، وكذا استثناءه ابن قدامة، وما أظن فيه خلافًا، وعليه يحمل ما جاء في حديث أبي سعيد إن صح حيث قال فيه: ويرمي الغراب ولا يقتله، وروى ابن المنذر وغيره عن علي ومجاهد، وعند المالكية اختلاف آخر في الغراب والحدأة هل يتقيد جواز قتلهما بأن يبتدءا بالأذى، وهل يختص ذلك بكبارها والمشهور عنهم كما قال ابن شاس: لا فرق وفاقًا للجمهور، ومن أنواع الغربان الأعصم وهو الذي في رجليه أو في جناحيه أو بطنه بياض أو حمرة، وحكمه حكم الأبقع، ومنها العقعق وهو قدر الحمامة على شكل الغراب، قيل سمي بذلك لأنه يعق فراخه فيتركها بلا طعم، والعرب تتشاءم به أيضًا، وحكمه حكم الأبقع على الصحيح، وقيل حكم غراب الزرع. وقال أحمد: إن أكل الجيف وإلا فلا بأس به – انتهى كلام الحافظ باختصار. وقال الولي العراقي: إن مذاهب الأئمة الأربعة متفقة على أنه يستثنى من الأمر بقتل الغراب غراب الزرع خاصة، فإما أن يكونوا اعتمدوا التقييد الذي في حديث عائشة بالأبقع وألحقوا به ما في معناه في الأذى وأكل الجيف وهو الغداف، وإما أن يكونوا أخذوا بالروايات المطلقة وجعلوا التقييد بالأبقع لغلبته لا لاختصاص الحكم به، وأخرجوا عن ذلك غراب الزرع وهو الزاغ لحل أكله، فهو مستثنى منفصل (والحدأة) بكسر الحاء وفتح الدال المهملتين وبعد الدال همزة بغير مد، وحكى صاحب المحكم المد فيه ندورًا بزيادة الهاء فيه للوحدة وليست للتأنيث بل هي كالهاء في التمرة، وحكى الأزهري فيها حدوة بواو بدل الهمزة، وجمع الحدأة حدأ بكسر الحاء والقصر والهمز كعنبة وعنب، ووقع في حديث عائشة الآتي بلفظ (الحديا)) بضم الحاء وفتح الدال وتشديد التحتانية مقصور تصغير الحدأة، وقال القاري: ((الحديا)) تصغير حد، لغة في الحدإ أو تصغير حدأة، قلبت الهمزة بعد ياء التصغير ياء وأدغم ياء التصغير فيه فصار حدية ثم حذفت التاء وعوض عنها الألف لدلالته على التأنيث أيضًا وقال الحافظ: قال قاسم بن ثابت: الوجه فيه الهمزة وكأنه سهل ثم أدغم، وقيل: هي لغة حجازية وغيرهم يقولون حدية، ومن خواص الحداة أنها تقف في الطيران ويقال إنها لا تخطف إلا من يمين من تخطف منه دون شماله (والعقرب) يطلق على الذكر والأنثى سواء وجمعه العقارب، وقد يقال للأنثى عقربة وعقرباء ممدود غير مصروف، وليس منها العقربان بل هي دويبة طويلة كثيرة القوائم، قاله صاحب المحكم، ويقال: إن عينها في ظهرها وأنها لا تضر ميتًا ولا نائمًا حتى يتحرك، ويقال لدغته العقرب بالغين

<<  <  ج: ص:  >  >>