صحيحيهما وكفى بهما فوجب قبول خبره وقد سكت عنه أبو داود على خبره فهو عنده حسن أو صحيح كذا ذكر السندي. قلت: وصححه الحاكم وقال: إنه على شرط الشيخين، وقرره الذهبي، وقال الشافعي: هذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأقيس، وأما إعلال الحديث بأن عمروا اضطرب في هذا الحديث وأنه اختلف عليه فيه فالجواب أن الاضطراب والاختلاف إنما يضر إذا تساوت الطرق ولم يترجح واحد منها بوجه من وجوه الترجيح كما تقرر في موضعه، وأما إذا ترجح واحد منها فيقدم هو على غيره فإنه لا يعل الراجح بالمرجوح، وها هنا رواية من روى عن عمرو عن المطلب عن جابر أرجح من رواية من روى عن عمرو عن رجل عن جابر لكثرة من روى بعدم ذكر الواسطة، ولذا قال الحاكم بعد روايته من طريق يعقوب بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الله بن سالم عن عمرو عن المطلب عن جابر: وهكذا رواه مالك بن أنس وسليمان بن بلال ويحيى بن عبد الله بن سالم عن عمرو بن أبي عمرو متصلاً مسندًا،، ثم أخرج أحاديثهم ثم أخرجه من طريق الشافعي، أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من بني سلمة عن جابر، قال الحاكم: وهذا لا يعلل حديث مالك وسليمان بن بلال ويعقوب بن عبد الرحمن الاسكندراني فإنهم وصلوه وهم ثقات – انتهى، كذا في نصب الراية، وأما الاختلاف عليه في الصحابي فلا يضر أيضًا فإن يوسف بن خالد السمتي متروك، وأما رواية إبراهيم بن سويد عند الطحاوي فقال الحافظ في التلخيص بعد ذكرها: قد خالفه إبراهيم بن أبي يحيى وسليمان بن بلال والدراوردي ويحيى بن عبد الله بن سالم ويعقوب بن عبد الرحمن ومالك فيما قيل وآخرون وهم أحفظ منه وأوثق – انتهى. وأما إعلال هذا الحديث بعدم سماع المطلب من جابر وكون الحديث مرسلاً فقد أجاب عنه الشنقيطي بأن قول الترمذي المذكور وكذا قول البخاري ليس في شيء من ذلك ما يقتضي رد روايته لما قدمنا في سورة النساء من أن التحقيق هو الاكتفاء بالمعاصرة ولا يلزم ثبوت اللقي، وأحرى ثبوت السماع كما أوضحه مسلم في مقدمة صحيحه بما لا مزيد عليه مع أن البخاري ذكر في كلامه هذا الذي نقله عنه الترمذي أن المطلب مولى عمرو المذكور صرح بالتحديث ممن سمع خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو تصريح بالسماع من بعض الصحابة بلا شك، وقال النووي في شرح المهذب: وأما إدراك المطلب لجابر فقال ابن أبي حاتم (في الجرح والتعديل) : وروى عن جابر قال: ويشبه أن يكون أدركه، هذا هو كلام ابن أبي حاتم، فحصل شك في إدراكه، ومذهب مسلم الذي ادعى في مقدمة صحيحه الإجماع فيه أنه لا يشترط في اتصال الحديث اللقاء بل يكتفي بإمكانه، والإمكان حاصل قطعًا، ومذهب علي بن المديني والبخاري والأكثرين اشتراط ثبوت اللقاء، فعلى مذهب مسلم الحديث متصل، وعلى مذهب الأكثرين يكون مرسلاً لبعض كبار التابعين، وقد سبق أن مرسل التابعي الكبير يحتج به عندنا إذا اعتضد بقول الصحابة أو قول أكثر العلماء أو غير ذلك مما سبق، وقد اعتضد هذا الحديث فقال به من