من كلامه قبل ذلك. هذا والحديث يدل أيضًا على جواز أكل الجراد مطلقًا وقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على إباحة أكله، لكن فصل ابن العربي في شرح الترمذي بين جراد الحجاز وجراد الأندلس، فقال في جراد الأندلس: لا يؤكل لأنه محض، وهذا إن ثبت أنه يضر أكله بأن يكون فيه سمية تخصه دون غيره من الجراد البلاد تعين استثناؤه، كذا في الفتح. قال الدميري: أجمع المسلمون على إباحة أكله، وقد قال عبد الله بن أبي أوفى: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات نأكل الجراد، رواه أبو داود والبخاري، وزاد أبو نعيم ((ويأكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معنا)) وروى ابن ماجة عن أنس: كن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يتهادين الجراد في الأطباق. وفي الموطأ أن عمر رضي الله عنه سئل عن الجراد فقال: إن عندى قفة آكل منها – انتهى. وقال النووي: أجمع المسلمون على إباحة أكل الجراد، ثم قال الشافعي وأبو حنفية والجماهير: يحل سواء مات بذكاة أو باصطياد مسلم أو مجوسي، أو مات حتف أنفه، وقال مالك في المشهور عنه وأحمد في رواية: يحل إذا مات بسبب بأن يقطع بعضه أو يلقى في النار حيًا فإن مات حتف أنفه لا يحل، وقال الحافظ: قد أجمع العلماء على جواز أكله بغير تذكية إلا أن المشهور عند المالكية اشتراط تذكيته، واختلفوا في صفتها فقيل بقطع رأسه، وقيل: إن وقع في قدر أو نار حل، وقال ابن وهب: أخذه ذكاته، ووافق مطرف منهم الجمهور في أنه لا يفتقر إلى ذكاته لحديث ابن عمر:((أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال)) أخرجه أحمد والدارقطني مرفوعًا، وقال إن الموقوف أصح، ورجح البيهقي أيضًا الموقوف، إلا أنه قال: إن له حكم الرفع – انتهى. وقال ابن قدامة (ج ٨: ص ٥٧٢) : يباح أكل الجراد بإجماع أهل العلم وقد قال عبد الله بن أبي أوفى: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات نأكل الجراد. رواه البخاري. ولا فرق بين أن يموت بسبب أو بغير سبب في قول عامة أهل العلم منهم الشافعي وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي وابن المنذر، وعن أحمد أنه إذا قتله البرد لم يؤكل، وعنه لا يؤكل إذا مات بغير سبب، وهو قول مالك، ويروى أيضًا عن سعيد بن المسيب، ولنا عموم قوله عليه السلام: أحلت لنا ميتتان ودمان، فالميتتان السمك والجراد، ولم يفصل، ولأنه تباح ميتته فلم يعتبر له سبب كالسمك – انتهى. (رواه أبو داود والترمذي) أخرجه أبو داود أولاً من طريق ميمون بن جابان عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الجراد من صيد البحر. ثم روى هو والترمذي من طريق أبي المهزم عن أبي هريرة قال: أصابنا صرمًا من جراد فكان رجل يضرب بسوطه وهو محرم فقيل له: إن هذا لا يصلح، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:" إنما هو من صيد البحر ". ولفظ الترمذي ((قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حج أو عمرة فاستقبلنا رجل من جراد فجعلنا نضربه بأسياطنا وعصينا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كلوه فإنه من صيد البحر، وبنحو ذلك رواه أحمد (ج ٢: ص ٣٠٦) وابن ماجة