للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...........................................................................................

ــ

قول جماعة من أهل العلم. وأما حديث عكرمة الذي رواه عن الحجاج بن عمرو وابن عباس وأبي هريرة فلا تنتهض به حجة لتعين حمله على ما إذا اشترط ذلك عند الإحرام لحديث عائشة عند الشيخين، وحديث ابن عباس عند مسلم وأصحاب السنن وغيرهم من أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لضباعه بنت الزبير بن عبد المطلب: حجي واشترطي، ولو كان التحلل جائزًا دون شرط كما يفهم من حديث الحجاج بن عمرو، لما كان للاشتراط فائدة، وحديث عائشة وابن عباس بالاشتراط أصح من حديث عكرمة عن الحجاج بن عمرو والجمع بين الأدلة واجب إذا أمكن، وهو ممكن في الحديثين بحمل حديث الحجاج بن عمرو على ما إذا اشترط ذلك في الإحرام فيتفق مع الحديثين الثابتين في الصحيح، فإن قيل: يمكن الجمع بين الأحاديث بغير هذا، وهو حمل أحاديث الاشتراط على أنه يحل من غير أن تلزمه حجة أخرى، وحمل حديث عكرمة عن الحجاج بن عمرو وغيره على أنه يحل وعليه حجة أخرى، ويدل لهذا الجمع أن أحاديث الاشتراط ليس فيها ذكر حجة أخرى، وحديث الحجاج بن عمرو قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: فقد حل وعليه حجة أخرى. فالجواب أن وجوب البدل بحجة أخرى أو عمرة أخرى لو كان يلزم لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يقضوا عمرتهم التي صدهم عنها المشركون، قال البخاري في صحيحه في باب ((من قال: ليس على المحصر بدل)) ما نصه ((وقال مالك وغيره: ينحر هديه ويحلق في أي موضع كان، ولا قضاء عليه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالحديبية نحروا وحلقوا وحلوا من كل شيء قبل الطواف، وقبل أن يصل الهدي إلى البيت ثم لم يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدًا أن يقضوا شيئًا ولا يعودوا له والحديبية خارج من الحرم)) - انتهى. وقد قال مالك: إنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حل هو وأصحابه بالحديبية، فنحروا الهدي وحلقوا رؤوسهم وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت وقبل أن يصل إليه الهدي، ثم لم يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدًا من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئًا ولا يعودوا لشيء - انتهى. ولا يعارض ما ذكرنا بما رواه الواقدي في المغازي من طريق الزهري ومن طريق أبي معشر وغيرهما، قالوا: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يعتمروا فلم يتخلف منهم إلا من قتل بخيبر أو مات، وخرج معه جماعة معتمرين ممن لم يشهدوا الحديبية وكانت عدتهم ألفين، لأن الشافعي قال: والذي أعقله في أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت، لأنا علمنا من متواطئ أحاديثهم أنه كان معه عام الحديبية رجال معرفون، ثم اعتمر عمرة القضية فتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورة في نفس ولا مال، فهذا الشافعي جزم بأنهم تخلف منهم رجال معروفون من غير ضرورة في نفس ولا مال، وقد تقرر في الأصول أن المثبت مقدم على النافي. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: ويمكن الجمع بين هذا إن صح وبين الذي قبله بأن الأمر كان على طريق الاستحباب، لأن الشافعي جازم بأن جماعة تخلفوا بغير عذر، وقال الشافعي في عمرة القضاء، إنما سميت عمرة القضاء والقضية للمقاضاة التي وقعت بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش، لا على

<<  <  ج: ص:  >  >>