الحرم؟ وظاهر قوله تعالى:{والهدي معكوفًا أن يبلغ محله}(سورة الفتح: الآية ٢٥) أنهم نحروه في الحل، وفي محل نحر الهدي للمحصر أقوال، الأول للجمهور أنه يذبح هديه حيث يحيث يحل في حل أو حرم الثاني للحنفية أنه لا ينحره إلا في الحرم الثالث لابن عباس وجماعة: أنه إن كان يستطيع البعث إلى الحرم وجب عليه ولا يحل حتى ينحر في محله وإن كان لا يستطيع البعث به إلى الحرم نحره في محل إحصاره، وقيل: إنه نحره في طرف الحديبية وهو من الحرم، والأول أظهر كذا في السبل (حتى اعتمر) غاية للمجموع أي تحلل حتى اعتمر. قال القسطلاني: ولأبي ذر عن المستملى ((ثم اعتمر)) (عامًا قابلاً) أي آتيا يعني السنة السابعة من الهجرة التي اعتمر فيها حسب المقاضاة التي وقعت بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش، وقيل قضاء لعمرة حل عنها، وفيه نظر، وهذا الحديث فيه حذف يدل عليه ما رواه ابن السكن في كتاب الصحابة كما نبه عليه الحافظ وقال: إنه لم ينبه عليه من شراح هذا الكتاب غيره ولا بينه الإسماعيلي ولا أبو نعيم، ولفظه عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال: قال عبد الله بن رافع مولى أم سلمة أنها سألت الحجاج بن عمرو الأنصاري عمن حبس وهو محرم فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من عرج أو كسر أو حبس فليجزي مثلها وهو في حل. قال: فحدثت به أبا هريرة فقال: صدق. وحدثته ابن عباس فقال: قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلق ونحر هديه وجامع نسائه حتى اعتمر عامًا قابلاً، والسبب في حذف البخاري ما ذكر أن الزائد ليس على شرطه لأنه قد اختلف في حديث الحجاج بن عمرو على يحيى بن أبي كثير عن عكرمة كما بينه الحافظ مع كون عبد الله بن رافع ليس من شرط البخاري فاقتصر على ما هو من شرط كتابه، واستدل بالحديث على وجوب القضاء على المحصر، قال المحب الطبري: هكذا يستدل به من قال بوجوب القضاء، ولا دلالة فيه على وجوب القضاء لأنه تضمن حكاية ما وقع، وقد تخلف بعض من كان معه في عمرة الحديبية عن عمرة القضية بالمدينة من غير ضرورة في نفس ولا مال، ولو وجب عليهم القضاء لأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يتخلفوا عنه، وإنما سميت عمرة القصاص وعمرة القضية لأن الله تعالى اقتص لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فدخل عليهم كما منعوه لا على أن ذلك وجب عليه. قال البيهقي: وروى الواقدي بسنده عن ابن عمر قال: لم تكن العمرة قضاء ولكن كان شرطًا على المسلمين أن يعتمروا من قابل في الشهر الذي صدهم المشركون فيه - انتهى. وقال الأمير اليماني: قوله ((حتى اعتمر عامًا قابلاً)) قيل إنه يدل على إيجاب القضاء على من أحصر، والمراد من أحصر عن النفل، وأما من أحصر عن واجبه من حج أو عمرة فلا كلام أنه يجب عليه الإتيان بالواجب إن منع من أدائه، والحق أنه لا دلالة في كلام ابن عباس على إيجاب القضاء، فإن ظاهر ما فيه أنه أخبر أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر عامًا قابلاً، ولا كلام أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في عام القضاء ولكنها عمرة أخرى ليست قضاء عن عمرة الحديبية، إلى آخر ما ذكر من الدلائل على ذلك، والحديث فيه دليل على أن المعتمر إذا أحصر يحل، وأن