أيضًا، وعن أم سلمة عند أحمد والطبراني في الكبير، وسنده جيد، وعن ابن عمر عند الطبراني في الكبير، وفيه علي بن عاصم وهو ضعيف، وعن ضباعة أخرجه أحمد وابن ماجة وابن خزيمة والبيهقي، وعن أسماء بنت أبي بكر أو سعدى بنت عوف، أخرجه ابن ماجة على الشك هكذا. قال العقيلي: روى عن ابن عباس قصة ضباعة بأسانيد ثابتة جياد، وقال ابن حزم في المحلى بعد ذكر هذه الأحاديث سوى حديث أسماء أو سعدى: فهذه آثار متظاهرة متواترة لا يسع أحدًا الخروج عنها. وقال الشوكاني: وقد غلط الأصيلي غلطًا فاحشًا فقال: إنه لا يثبت في الاشتراط حديث، وكأنه ذهل عما في الصحيحين – انتهى. وقال الولي العراقي: قال النسائي: لا أعلم أحدًا أسنده عن الزهري غير معمر، وقال في موضع آخر: لم يسنده عن معمر غير عبد الرازق فيما أعلم، وأشار القاضي عياض إلى تضعيف الحديث فإنه قال في الأصيلي: لا يثبت في الاشتراط إسناد صحيح. قال النووي في شرح مسلم: وهذا الذي عرض به القاضي وقاله الأصيلي من تضعيف الحديث غلط فاحش جدًا نبهت عليه لئلا يغتر به لأن هذا الحديث مشهور في صحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وسائر كتب الحديث المعتمدة من طرق متعددة بأسانيد كثيرة عن جماعة من الصحابة، وفيما ذكره مسلم من تنويع طرقه أبلغ كفاية. وقال والدي في شرح الترمذي: والنسائي لم يقل بانفراد معمر به مطلقًا بل بانفراده به عن الزهري. ولا يلزم من الانفراد المقيد الانفراد المطلق فقد أسنده معمر وأبو أسامة وسفيان بن عيينة عن هشام عن أبيه عن عائشة، وأسنده القاسم عنها، ولو انفرد به معمر مطلقًا لم يضره، وكم في الصحيحين من الانفراد ولا يضر إرسال الشافعي له، فالحكم لمن وصل، هذا معنى كلامه – انتهى كلام الولي العراقي. تنبيه قال الشيخ محمد أنور الكشميري: وافقنا البخاري في مسألة الاشتراط حيث لم يخرج حديث ضباعة في كتاب الحج مع كونه صريحًا في الاشتراط، وإنما أخرجه في كتاب النكاح، ومن آدابه وعاداته في التراجم والأبواب أنه لا يعقد ترجمة على الحديث إذا لم يذهب إليه، وأن الحديث إذا ورد في مسألة ولم يخرجه في بابه مع كونه صريحًا فيه بل حوله من مظنته، فكأن هذا تنبيه منه على أنه لا يأخذه ولا يذهب إليه، ونظير ذلك أنه روى حديث الركعتين بعد الوتر جالسًا ولم يبوب عليه الترجمة ولم يخرجه في أبواب الوتر بل أخرجه في السنة أي الركعتين قبل الفجر. قال: وما نبه أحد على هذه العادة، هذا معنى كلامه. وفيه ما قال صاحب فتح الملهم أنه قد تنبه لها ابن المرابط وأشار إليها كما حكاه العيني عنه فقال: زعم ابن المرابط أن عدم ذكر البخاري حديث ضباعة في الحج دلالة على أن الاشتراط عنده لا يصح، ثم قال العيني: فيه نظر لا يخفى، ولم يبين وجه النظر، وما ادعاه الشيخ الأنور من عادة البخاري ليس بمطرد، فقد روى البخاري حديث الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعوات ولم يخرجه في أبواب الصلاة أصلاً مع أنه لا شبهة في كونه أليق بها فيما بين باب التشهد وباب الدعاء قبل السلام كما هو الظاهر