للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن ليس منهم؟ قال: " يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم ". متفق عليه.

ــ

كان جمع سوقة وهي الرعايا فلا حاجة إلى التقدير. وفي مستخرج أبي نعيم ((وفيهم أشرافهم)) بالشين المعجمة والراء والفاء، وفي رواية محمد بن بكار عند الإسماعيلي ((وفيهم سواهم)) قال الإسماعيلي: ووقع في رواية البخاري أسواقهم أي بالمهملة والقاف، وأظنه تصحيفًا، فإن الكلام في الخسف بالناس لا بالأسواق. قال الحافظ: بل لفظ ((سواهم)) تصحيف فإنه بمعنى قوله الآتي ((ومن ليس منهم)) فيلزم منه التكرار، بخلاف رواية البخاري، نعم أقرب الروايات إلى الصواب رواية أبي نعيم، وليس في لفظ أسواقهم ما يمنع أن يكون الخسف بالناس، فالمراد بالأسواق أهلها أن يخسف بالمقاتلة منهم ومن ليس من أهل القتال كالباعة. وفي رواية مسلم ((فقلنا: إن الطريق قد يجمع الناس، قال: نعم فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل)) والمستبصر هو المستبين لذلك القاصد للمقاتلة عمدًا، والمجبور بالجيم والموحدة أي المكره. قال النووي: يقال أجبرته فهو مجبر، هذه اللغة المشهورة، ويقال أيضًا جبرته فهو مجبور، حكاها الفراء وغيره، وجاء هذا الحديث على هذه اللغة، وأما ابن السبيل فهو سالك الطريق معهم وليس منهم، والغرض أنها استشكلت وقوع العذاب على من لا إرادة له في القتال الذي هو سبب العقوبة فوقع الجواب بأن العذاب يقع عامًا لحضور آجالهم ويبعثون بعد ذلك على نياتهم (ومن ليس منهم) أي في الكفر والقصد بتخريب الكعبة عطف على أسواقهم. قال الطيبي: أي من لا يقصد تخريب الكعبة بل هم الضعفاء والأسارى (قال: يخسف بأولهم وآخرهم) فيدخل فيهم هؤلاء وإن لم يكن قصدهم لأنهم كثروا في سوادهم (ثم يبعثون على نياتهم) قال العيني: أي يخسف بالكل لشؤم الأشرار، ثم إنه تعالى يبعث كلا منهم في الحشر بحسب قصده ونيته إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، وفي رواية مسلم ((يهلكون مهلكًا واحدًا ويصدرون مصادر شتى)) قال النووي: أي يقع الهلاك على جميعهم ويبعثون مختلفين على قدر نياتهم فيجازون بحسبها انتهى. وفي حديث أم سلمة عند مسلم ((فقلت: يا رسول الله فكيف بمن كان كارهًا؟ قال: يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته)) قال الحافظ: أي يخسف بالجميع لشؤم الأشرار ثم يعامل كل أحد عند الحساب بحسب قصده. وفي هذا الحديث من الفقه التباعد من أهل الظلم والتحذير من مجالستهم لئلا يناله ما يعاقبون به قال تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} (سورة الأنفال: الآية ٢٥) ، وفيه أن من كثر سواد قوم جرى عليهم حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا، قال الحافظ: في هذا الحديث أن الأعمال تعتبر بنية العامل والتحذير من مصاحبة أهل الظلم ومجالستهم وتكثير سوادهم إلا لمن اضطر لذلك، ويتردد النظر في مصاحبة التاجر لأهل الفتنة هل هي إعانة لهم على ظلمهم أو هي ضرورات البشرية، ثم يعتبر عمل كل أحد بنيته وعلى الثاني يدل ظاهر الحديث – انتهى. (متفق عليه) أخرجه البخاري في البيوع ومسلم في الفتن واللفظ للبخاري، والحديث أخرجه أيضًا أحمد (ج ٦: ص ١٠٥) وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>