للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...................................................................................

ــ

الحديث الضعيف، وقد يجوز أن يكون الموضع الذي كان سلمة يصيد فيه خارجًا من حرم المدينة، والموضع الذي رأى فيه سعد بن أبي وقاص غلامًا يقطع شجرًا من حرم المدينة داخله حتى لا يتنافيان، ولو اختلفا كان الحكم لرواية سعد لصحة حديثه وثقة رجاله دون حديث سلمة - انتهى. ويحتمل أن حديث سلمة كان قبل تحريم المدينة. قال صاحب فتح الملهم: والذي تحصل من مجموع الروايات – والله سبحانه وتعالى أعلم – أن لمكة حرمًا وللمدينة حرمًا يختلف عن حرم مكة في نوع من الأحكام كالنهي عن دخولها بغير إحرام وغيره، ويشبهه في نوع منها كالنهي عن الاصطياد وقطع الشجر مع تفاوت الدرجات فيه من حيث ورود التشديد والتغليظ في شأن مكة وإيجاب العقوبات على من جنى فيها على غير شاكلة ما هو في شأن المدينة من وقوع التساهل والإغماض عمن ارتكب شيئًا مما نهى عنه، وهذا غير خاف على من تأمل في الأحاديث التي ذكرناها من الطحاوي وغيره، ويشهد لهذا التخفيف أيضًا ما رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في خبط شجرها لعلف الدواب، وقال في حديث جابر عند أبي داود وغيره لا يخبط ولا يعضد حمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن يهش هشًا رفيقًا أي ينثر نثرًا بلين ورفق، ولهذا لم يجر التعامل على ما في حديث سعد من التعزير بالسلب؛ بل قال ابن بطال: حديث سعد في السلب لم يصح عند مالك ولا رأى العمل عليه بالمدينة كما في عمدة القاري – انتهى. وقال الحافظ: قال ابن قدامة: يحرم صيد المدينة وقطع شجرها، وبه قال مالك والشافعي وأكثر أهل العلم، وقال أبو حنيفة: لا يحرم ثم من فعل مما حرم عليه فيه شيئًا أثم ولا جزاء عليه في رواية لأحمد وهو قول مالك والشافعي في الجديد وأكثر أهل العلم وفي رواية لأحمد وهو قول الشافعي في القديم وابن أبي ذئب واختاره ابن المنذر وابن نافع من أصحاب مالك وقال القاضي عبد الوهاب: إنه الأقيس واختاره جماعة بعدهم فيه الجزاء وهو كما في حرم مكة وقيل: الجزاء في حرم المدينة أخذ السلب لحديث صححه مسلم عن سعد بن أبي وقاص، وفي رواية لأبي داود ((من وجد أحدًا يصيد في حرم المدينة فليسلبه)) . قال القاضي عياض: لم يقل بهذا بعد الصحابة إلا الشافعي في القديم. قلت (قائله الحافظ) : واختاره جماعة معه وبعده لصحة الخبر فيه، ولمن قال به اختلاف في كيفيته ومصرفه، والذي دل عليه صنيع سعد عند مسلم وغيره أنه كسلب القتيل وأنه للسالب لكنه لا يخمس، وأغرب بعض الحنفية فادعى الإجماع على ترك الأخذ لحديث السلب ثم استدل بذلك على نسخ أحاديث تحريم المدينة، ودعوى الإجماع مردودة فبطل ما ترتب عليها. قال ابن عبد البر: لو صح حديث سعد لم يكن في نسخ أخذ السلب ما يسقط الأحاديث الصحيحة، ويجوز أخذ العلف لحديث أبي سعيد في مسلم: ((ولا يخبط فيها شجرة إلا لعلف)) . ولأبي داود من طريق أبي حسان عن علي نحوه، وقال المهلب: في حديث أنس دلالة على أن المنهي عنه في الحديث الماضي مقصور على القطع الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>