للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم صلى ولم يتوضأ)) رواه مسلم.

٣٢٨- (٢٨) وعنه، قال: ((أهديت له شاة، فجعلها في القدر، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما هذا يا أبا رافع؟ فقال: شاة أهديت لنا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطبختها في القدر. قال: ناولني الذراع يا أبا رافع فناولته الذراع. ثم قال: ناولني الذراع الآخر، فناولته الذراع الآخر. ثم قال: ناولني الذراع الآخر: فقال: يا رسول الله إنما للشاة ذراعان. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إنك لو سكت لناولتني ذراعاً فذرعاً ما سكت. ثم دعا بماء فتمضمض فاه،

ــ

الكبد والطحال وما معهما من القلب وغيرهما. (ثم صلى) أي فأكل ثم صلى، وكان القياس ثم يصلى، لكن أتى به ماضياً؛ لأن قوله "كنت أشوى" ماض في المعنى؛ لأنه حكاية لصورة الحال الماضية. (رواه مسلم) في الطهارة، أخرجه أيضاً أحمد (ج٦: ص٨، ٩) .

٣٢٨- قوله: (أهديت له) أي لأبي رافع. (شاة) برفعها على الفاعل، قيل: فيه التفات، والأظهر أنه نقل بالمعنى. (فجعلها في القدر) بكسر القاف أي للطبخ. (يا أبا رافع) يقرأ بالهمزة ولا تكتب. (ناولني الذراع) بكسر الذال من طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى والساعد مؤنثة فيهما، وقد تذكر. وخص النبي - صلى الله عليه وسلم - الذراع بالطلب لمحبته واستحسانه للذراع، لسرعة نضجها، واستمرائها، مع زيادة لذتها، وحلاوة مذاقها، وبعدها عن مواضع الأذى. (فقال) أي أبورافع على سبيل الإلتفات، وفي رواية لأحمد "فقلت له". (إنما للشاة ذراعان) وفي رواية لأحمد "وهل للشاة إلا ذراعان"، وفي حديث أبي عبيد عند الدرامي، والترمذي في الشمائل "وكم للشاة ذراع"، والظاهر أن هذا استفهام استبعاد لا إنكار؛ لأنه لا يليق بهذا المقام، قاله القاري. (أما) بالتخفيف للتنبيه. (إنك لو سكت) أي عما قلت، وامتثلت أدبي. (لناولتني ذراعاً فذراعاً ما سكت) أي ما سكت أنت وطلبت أنا. قال الطيبي: الفاء في "فذراعاً للتعاقب، كما في قوله: الأمثل فالأمثل. و"ما" في "ما سكت" للمدة، والمعنى ناولتني ذراعاً غب ذراع إلى ما لا نهاية له مادمتَ ساكتاً، فلما نطقت انقطعت-انتهى. وفي رواية لأحمد "لو سكت لناولتني منها ما دعوت به" أي ما طلبته، من الدعوة بالفتح؛ لأن الله تعالى يخلق ما يشاء، وكان يخلق فيها ذراعاً بعد ذراع معجزة وكرامة له - صلى الله عليه وسلم -، وإنما منع كلامه من ذلك، قيل: لأنه شغل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التوجه إلى ربه، بالتوجه إليه أو إلى جواب سؤاله. وقيل: لأن ظهور شيء من عالم الغيب على سبيل خرق العادة مشروط بأن لا يتطرق إليه الشك والتردد، ولا يقع شيء من الخلل والنقص في اليقين والتصديق،

<<  <  ج: ص:  >  >>