أهلها ارتفقوا بما نالته أيديهم من شجر وصيد ومرفق فدل ذلك على أنها حل مباح وليس يحضرني في هذا وجه غير ما ذكرته – انتهى. قال في عون المعبود نقلاً عن غاية المقصود: في ثبوت هذا القول أي كون تحريم وَجّ قبل نزول الطائف نظر لأن محمد بن إسحاق قال في مغازيه ما ملخصه: أن رجالاً من ثقيف قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة بعد وقعة الطائف فضرب عليهم قبة في ناحية مسجده وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كتبوا كتابهم، وكان خالد هو الذي كتبه وكان كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتب لهم أي بعد إسلام أهل الطائف ((بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد النبي رسول الله إلى المؤمنين إن عضاه وج وصيده حرام ألا يعضد، من وجد يصنع شيئًا من ذلك فإنه يجلد وينزع ثيابه، فإن تعدى ذلك فإنه يؤخذ فيبلغ به النبي محمد وأن هذا أمر النبي محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكتب خالد بن سعيد بأمر الرسول محمد بن عبد الله فلا يتعداه أحد فيظلم نفسه فيما أمر به محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) انتهى ملخصًا محررًا من زاد المعاد. قال ابن القيم: إن وادي وج وهو واد بالطائف حرم يحرم صيده وقطع شجره، وقد اختلف الفقهاء في ذلك، والجمهور قالوا: ليس في البقاع حرم إلا مكة والمدينة وأبو حنيفة رحمه الله خالفهم في حرم المدينة، وقال الشافعي رحمه الله في أحد قوليه: وج حرم يحرم صيده وشجره. واحتج لهذا القول بحديثين أحدهما هو الذي تقدم، والثاني حديث عروة بن الزبير عن أبيه الزبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن صيد وج وعضاهه حرم محرم لله، رواه الإمام أحمد وأبو داود. وهذا الحديث يعرف لمحمد بن عبد الله بن إنسان عن أبيه عن عروة. قال البخاري في تاريخه: لا يتابع عليه. قلت: وفي سماع عروة من أبيه نظر وإن كان قد رآه، والله أعلم – انتهى كلام ابن القيم.وقال الشوكاني بعد نقل كلام الخطابي: والظاهر من الحديث تأيبد التحريم، ومن ادعى النسخ فعليه الدليل لأن الأصل عدمه، وأما ضمان صيده وشجره على حد ضمان صيد الحرم المكي فموقوف على ورود دليل يدل على ذلك، لأن الأصل براءة الذمة ولا ملازمة بين التحريم والضمان – انتهى (رواه أبو داود) في الحج وأخرجه أيضًا أحمد (ج ١: ص ١٦٥) والحميدي (ج ١: ص ٣٤) والبيهقي (ج ٥: ص ٢٠٠) والبخاري في التاريخ الكبير (ج ١: ص ١٤٠) كلهم من طريق عبد الله بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن إنسان عن أبيه عن عروة بن الزبير عن الزبير، وفيه قصة، والحديث سكت عنه أبو داود وكذا سكت عنه عبد الحق وتعقب بما نقل عن البخاري أنه قال (ج ٣: ص ٤٥) في ترجمة عبد الله بن إنسان: لم يصح حديثه. وكذا قال الأزدي وابن حبان، وذكر الذهبي في الميزان أن الشافعي صححه واعتمده وذكر الخلال في العلل أن أحمد ضعفه وذكر ابن حبان عبد الله بن إنسان في الثقات وقال: كان يخطئ. وتعقبه الذهبي فقال: هذا لا يستقيم أن يقوله الحافظ إلا فيمن روى عدة أحاديث، فأما عبد الله هذا فهذا الحديث أول ما عنده وآخره، فإن كان قد أخطأ فحديثه مردود على قاعدة ابن حبان يعني أنه إذا لم يكن عند عبد الله المذكور غير هذا الحديث فإن