للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" من زارني متعمدًا كان في جواري يوم القيامة، ومن سكن المدينة وصبر على بلائها كنت له شهيدًا وشفيعًا يوم القيامة، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة ".

٢٧٨١ – (٢٩) وعن ابن عمر مرفوعًا: " من حج فزار قبري بعد موتي، كان كمن زارني في حياتي ".

ــ

رجل من آل الخطاب)) توافق رواية الطيالسي عن رجل من آل عمر، وقيل ((الخطاب)) تصحيف من حاطب (من زارني) أي زيارة مشروعة (متعمدًا) أي لا يقصد غير زيارتي من الأمور التي تقصد في إتيان المدينة من التجارة وغيرها فالمعنى لا يكون مشوبًا بسمعة ورياء وأغراض فاسدة بل يكون عن احتساب وإخلاص ثواب (كان في جواري) بكسر الجيم أي في مجاورتي (ومن سكن المدينة) أي أقام أو استوطن بها (وصبر على بلائها) من حرها وضيق عيشها وفتنة من يسكنها من الروافض وغيرهم من أهل البدع التي فيها نظير ما كان يقع للصحابة من منافقيها (كنت له شهيدًا) أي لطاعته (وشفيعًا) لمعصيته. قال القاري: ويحتمل أن تكون الواو بمعني أو (ومن مات في أحد الحرمين) أي مؤمنًا (بعثه الله من الآمنين يوم القيامة) أي من الفزع الأكبر أو من كل كدورة، وفي الحديث دليل على فضل زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفضل سكنى المدينة وفضل الموت في أحد الحرمين، واستدل به على ندب السفر وشد الرحل لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي الكلام على هذا في شرح الحديث التالي.

٢٧٨١ - قوله (من حج فزار قبري بعد موتي) وفي رواية بعد وفاتي. قال القاري: الفاء التعقيبية دالة على أن الأنسب أن تكون الزيارة بعد الحج كما هو مقتضى القواعد الشرعية من تقديم الفرض على السنة، وقد روى الحسن عن أبي حنيفة تفصيلاً حسنًا وهو أنه إن كان الحج فرضًا فالأحسن للحاج أن يبدأ بالحج ثم يثنى بالزيارة، وإن بدأ بالزيارة جاز، وإن كان الحج نفلاً فهو بالخيار فيبدأ بأيهما شاء - انتهى. والأظهر أن الابتداء بالحج أولى لإطلاق الحديث ولتقديم حق الله على حقه - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذا تقدم تحية المسجد النبوي على زيارة مشهده - صلى الله عليه وسلم - انتهى كلام القاري. قلت: وما نقل عن بعض السلف من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يبدؤن بالمدينة قبل مكة إذا حجوا ففيه أنهم عللوا ذلك بالإهلال من ميقات النبي - صلى الله عليه وسلم - لقولهم ((نهل من حديث أحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) ولم يعللوه بما توهم من توهم أن ذلك إنما كان لأجل زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن اتفق معها قصد عبادات أخرى فهو مغمور بالنسبة إليها، فلا دلالة في فعلهم على فضل الابتداء بالمدينة على مكة ولا على أن الابتداء بالمدينة كان لقصد الزيارة (كان كمن زارني في حياتي) في الحديث دليل على فضيلة زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا خلاف فيه بل هو أمر مجمع عليه، واستدل به السبكي ومن وافقه على استحباب السفر لمجرد زيارة مشهده - صلى الله عليه وسلم -، قيل لأن الزيارة شاملة للسفر فإنها تستدعي الانتقال من مكان الزائر إلى مكان المزور وإذا كانت الزيارة قربة كان السفر إليها قربة، وفيه أنه سلمنا أن الزيارة مطلقة شاملة للسفر

<<  <  ج: ص:  >  >>