٣٦٥- (٣١) قال الشيخ الإمام محي السنة رحمه الله: قد صح عن حذيفة قال: ((أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم، فبال قائماً)) متفق عليه. قيل: كان ذلك لعذر.
ــ
نقله الهيثمي في مجمع الزوائد (ج١: ص٢٠٦) ونسبه للبزار، وقال: رجاله ثقات، وهو يدل على أن عمر ما بال قائماً منذ أسلم، لكن قال الحافظ في الفتح: قد ثبت عن عمر وعلي وزيد بن ثابت، وغيرهم أنهم بالوا قياماً، وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش-انتهى.
٣٦٥- قوله:(أتى سباطة قوم) بضم المهملة بعدها موحدة هي المزبلة والكناسة تكون بفناء الدار مرفقاً لأهلها، وتكون في الغالب سهلة لا يرتد فيه البول على البائل، وإضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا إضافة ملك؛ لأنها لا تخلوا عن النجاسة فكانت مباحة. (فبال قائماً) للتشريع وبيان الجواز، وإنما خالف النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عرف من عادته من الإبعاد عند قضاء الحاجة لما قيل: إنه كان مشغولاً بمصالح المسلمين فلعله طال عليه المجلس حتى احتاج إلى البول، فلو أبعد لتضرر. وقيل: فعل ذلك لبيان الجواز. وقيل: إنه فعل ذلك في البول، وهو أخف من الغائط لاحتياجه إلى زيادة تكشف، ولما يقترن به من الرائحة. وقيل: إن الغرض من الإبعاد التستر، وهو يحصل بإرخاء الذيل والدنو من الساتر. والحديث يدل على جواز البول من قيام من غير كراهة وعذر. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه. (قيل: كان ذلك لعذر) اعلم أنهم اختلفوا في البول قائماً، فرخص قوم من أهل العلم في البول قائماً إذا أمن الرشاش، واستدلوا بحديث حذيفة هذا، وبحديث سهل بن سعد، وحديث عصمة بن مالك أخرجهما الطبراني، وبآثار موقوفة على عمر وعلي وزيد بن ثابت، وغيرهم، وهو القول الراجح عندنا. وقال قوم بكراهة البول قائماً إلا من عذر، واستدلوا بحديث عمر المتقدم، وقد عرفت أنه ضعيف لا يصلح للاحتياج، وبحديث عائشة الآتي في أول الفصل الثالث، وسيأتي الجواب عنه، وبحديث جابر قال:"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبول الرجل قائماً"، رواه ابن ماجه. والجواب عنه أن في سنده عدي بن الفضل وهو متروك. وبحديث بريدة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من الجفاء أن يبول الرجل قائماً" الحديث. والجواب عنه أنه غير محفوظ، قال الترمذي: حديث بريدة في هذا غير محفوظ. وبحديث عائشة قالت: ما بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً منذ أنزل عليه القرآن. أخرجه أبوعوانة في صحيحه، والحاكم. والجواب عنه أنه مستند إلى علمها فيحمل على ما وقع في البيوت، فقد ثبت أن بوله - صلى الله عليه وسلم - عند سباطه قوم كان بالمدينة كما جاء في بعض الروايات الصحيحة، قال الحافظ: وقد بينا أن ذلك كان بالمدينة، فتضمن الرد على ما نفته من أن ذلك لم يقع بعد نزول القرآن-انتهى. وقال هؤلاء: إن بوله - صلى الله عليه وسلم - قائماً كان لعذر، فقالوا: فعل ذلك لحرج في مأبضة، واستدلوا بما روى الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة قال: "إنما بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً لحرج كان في مأبضه"، والمأبض باطن الركبة، فكأنه لم يتمكن لأجله من القعود. قال الحافظ: لو صح هذا الحديث