٣٧٠-٣٧٢- (٣٦-٣٨) وعن أبي أيوب، وجابر، وأنس، أن هذه الآية لما نزلت {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور، فما طهوركم؟ قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، ونستنجي بالماء. فقال: فهو ذاك، فعليكموه)) رواه ابن ماجه.
ــ
الأنصارية بنت أم ورقة ثقة، قال الحافظ في تهذيب التهذيب (ج١٢: ص٤٥٤) : هي والدة عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة روت عن عائشة، قالت:"بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام عمر خلفه بكوز من ماء" الحديث. وروى عنها ابنها، ذكرها ابن حبان في الثقات من التابعين، وأورد لها هذا الحديث، وقد ذكرها المزي في المبهمات في أواخر الكتاب؛ لأنها لم تسم في رواية أبي داود، وابن ماجه- انتهى.
٣٧٠، ٣٧١، ٣٧٢- قوله:(أن هذه الآية) أي الآية. (لما نزلت فيه رجال) ضمير "فيه" لمسجد قباء، والجملة بدل من الآية. (والله يحب المطهرين) أصله المتطهرين أبدلت التاء طاء وأدغمت. (يامعشر الأنصار) المراد بهم أهل قباء كما جاء صريحاً في بعض الأحاديث، وتخصيص الأنصار بالخطاب يدل على أن غالب المهاجرين كانوا يكتفون في الإستنجاء على الأحجار. (في الطهور) بضم الطاء وكذا قوله "فما طهوركم" على الأفصح الأشهر. (فهو ذاك) أي ثناء الله عليكم أثر تطهركم البالغ، قاله الطيبي، والأظهر أن الإشارة إلى الاستنجاء فإنه أقرب مذكور ومخصوص بهم، وإلا فالوضوء والاغتسال كان المهاجرون يفعلونهما أيضاً، ورواية الحاكم الآتية صريحة في ذلك. (فعليكموه) أي الزموا الاستنجاء بالماء، وفي رواية الحاكم: فقالوا: يا رسول الله، نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، فقال: فهل مع ذلك غيره، قالوا: لا، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء، قال: هو ذاك، وظاهر الحديث أنهم يكتفون بالماء عن الأحجار، وهو المعروف في طرق الحديث، وأما ما رواه البزار عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أهل قباء، فقال: إن الله يثني عليكم، فقالوا:"إنا نتبع الحجارة الماء" ففيه محمد بن عبد العزيز وقد ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما، وهو الذي أشار بجلد مالك، وفيه أيضاً عبد الله بن شبيب وهو ضعيف، وقد روى الحاكم من حديث مجاهد عن ابن عباس أصل هذا الحديث، وليس فيه إلا ذكر الاستنجاء بالماء حسب. وحديث أبي أيوب هذا يدل على ثبوت الاستنجاء بالماء والثناء على فاعله لما فيه من كمال التطهير، قال العلماء: الاستنجاء بالماء أفضل من الحجارة، والجمع بينهما أفضل من الكل، قال الأمير اليماني: ولم نجد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بينهما. (رواه ابن ماجه) وكذا الحاكم من طريق عتبة بن أبي حكيم، عن طلحة بن نافع أبي سفيان، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، لكن قال الحافظ في التلخيص (ص٤١) :