أتسوك بسواك، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر منهما)) متفق عليه.
٣٨٩- (١١) وعن أبي أمامة، أن رسول الله قال:((ما جاءني جبرئيل عليه السلام قط إلا أمرني بالسواك، لقد خشيت أن أحفي مقدم فِيَّ)) رواه أحمد.
٣٩٠- (١٢) وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد أكثرت عليكم في السواك)) رواه البخاري.
ــ
أخبرهم - صلى الله عليه وسلم - بما رآه في المنام، تنبيهاً على أن أمره بذلك بوحي متقدم، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض (أحدهما أكبر من الآخر) أي سناً. (فناولت السواك) أي أردت إعطاء السواك. (الأصغر منهما) لعله لقربه، أو لأنه - صلى الله عليه وسلم - عدا السواك شيئاً حقيراً. (كبر) أي قدم الكبير على الصغير في مناولة السواك، أي ادفع إلى الأكبر، والظاهر أنهما كانا في أحد جانبيه، أو في يساره، قال القاري: وهو الأنسب، فأراد تقديم الأقرب، فأمر بتقديم الأكبر، فلا ينافي حديث ابن عباس أو الأعرابي في إيثاره بسؤره - صلى الله عليه وسلم - من اللبن لكونه على اليمين، على الأشياخ من أبي بكر، وعمر وغيرهما لكونهم على اليسار-انتهى. وفيه ما يدل على فضيلة السواك. (متفق عليه) أخرجه البخاري بلا رواية في آخر الوضوء، ولم يذكر في المنام، وأخرجه مسلم رواية في الرؤيا، وأخرجه أيضاً أحمد وأبوعوانة والبيهقي وغيرهم.
٣٨٩- قوله:(أحفي) من الإحفاء وهو الاستيصال. (مقدم فِيَّ) بكسر الفاء وتشديد الياء، أي فمى، والمراد من مقدم الفم هي اللثة، بكسر اللام وتخفيف المثلثة، وما حول الأسنان من اللحم، يعني خفت أن استأصل لثتي من كثرة مداومتي على السواك بسبب إكثار جبرئيل في الوصية. (رواه أحمد)(ج٥: ص٢٦٣) وفي سنده علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف، أخرجه ابن ماجه مطولاً، وفيه عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد الألهاني، وعثمان متروك، قال الحافظ في التقريب: ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني، وروي نحوه عن ابن عباس وأنس وسهل بن سعد وعائشة، ذكر أحاديثهم الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٢: ص٩٨، ٩٩) مع الكلام عليها.
٣٩٠- قوله:(لقد أكثرت عليكم) بصيغة المعلوم، أي أكثرت عليكم الأمر والوصية في حق السواك. وقال الحافظ: أي بالغت في تكرير طلبه منكم، أو في إيراد الأخبار في الترغيب فيه. وقال ابن التين: معناه أكثرت عليكم، وحقيق أن أفعل، وحقيق أن تطيعوا. وحكى الكرماني أنه روى "أكثرت" بصيغة الماضي المجهول، أي بولغت من عندالله بطلبه منكم. (في السواك) أي في أمره وشأنه. وفائدة هذا الكلام مع كونهم عالمين به إظهار الاهتمام بشأنه. وقال السندهي: هذا بمنزلة التأكيد لما سبق من التكرير لمن علم به سابقاً، وبمنزلة التكرير والتأكيد جميعاً لمن لم يعلم به. (رواه البخاري) في الجمعة، وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي في أول سننه.