واحدة، ففعل ذلك ثلاثاً، ثم أدخل يده فاستخرجها، فغسل وجهه ثلاثاً، ثم أدخل يده فاستخرجها، فغسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين، ثم أدخل يده فاستخرجها، فمسح برأسه، فأقبل بيديه وأدبر، ثم غسل رجليه إلى الكعبين، ثم قال: هكذا كان وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفي رواية: فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه.
وفي رواية: فمضمض، واستنشق واستنثر ثلاثاً بثلاث غرفات من ماء.
ــ
واحدة) بأن جعل ماء الكف بعضه في فمه وبعضه في أنفه، والكف يذكر ويؤنث. (ففعل ذلك) أى المذكور من المضمضة والاستنشاق. (ثلاثاً) أي ثلاث مرات بأن تمضمض واستنشق من غرفة ثم تمضمض واستنشق من غرفة ثم تمضمض واستنشق من غرفة، وهو صريح في المجمع، وحجة واضحة للشافعي في الوصل، صرح به ابن الملك وغيره من الأئمة الحنفية، والقول بأن قيد الوحدة احتراز من التثنية سخيف جداً، فإن الظاهر على هذا أن يقال بكف واحدة لا من كف واحدة. (ثم أدخل يده) أي في الإناء، والظاهر أن المراد بها الجنس، قاله القاري. (ثلاثاً) قيد للأفعال الثلاثة لا للأخير فقط. (مرتين مرتين) قيد للأفعال. (فمسح برأسه) هو موافق للآية في الإتيان بالباء، ومسح يتعدى بها وبنفسه، قال القرطبي: إن الباء ههنا للتعدية يجوز حذفها وإثباتها. وقيل: دخلت الباء ههنا لمعنى تفيده، وهو أن الغسل لغة يقتضي مغسولاً به، والمسح لا يقتضي ممسوحا به، فلو قال: امسحوا رؤوسكم، لأجزاء المسح باليد بغير ماء، فكأنه قال: وامسحوا برؤوسكم الماء، وهو من باب القلب والأصل فيه امسحوا رؤوسكم بالماء. (فأقبل بيديه وأدبر) يعني استوعب المسح. (ثم غسل رجليه) ظاهره الاكتفاء بمرة، ويحتمل مرتين بقرينة ما قبله، ويحتمل التثليث على ما هو المعروف من دأبه - صلى الله عليه وسلم -، قاله القاري. (إلى الكعبين) أي مع الكعبين، والكعب هو العظم الناشز عند متلقى الساق والقدم. (هكذا كان وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي غالباً، وقيل: أي في بعض الأوقات.
قوله. (وفي رواية) أي لمسلم. (ثم ردهما) أي على أطراف الرأس.
قوله. (وفي رواية) أي للبخاري، وقد ذكرها في باب مسح الرأس مرة. (فمضمض واستنشق واستنثر) فيه حجة واضحة لمن فرق بين الاستنشاق والاستنثار إلا أن الاستنثار يستلزم الاستنشاق بلا عكس. (ثلاثاً بثلاث غرفات) بفتح الغين والراء وقيل: بضهما جمع غرفة. قيل: الغرفة بالفتح في الأصل المرة من الاغتراف، وبالضم الماء المغروف في اليد. وقيل هي ملأ الكف من الماء، يعني أخذ غرفة، ومضمض واستنثر بها، وكذا في الثانية والثالثة، وهذا أيضاً نص صريح في الجمع والوصل.