٤٠٤- (١١) وعن سعيد بن زيد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه))
ــ
في روايتهما إذا لبستم، وابن حبان والبيهقي كلهم من طريق زهير، عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال ابن دقيق العيد: هو حقيق بأن يصح. وللنسائي، والترمذي من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لبس قميصاً بدأ بميامنه.
٤٠٤- قوله:(وعن سعيد بن زيد) هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي القرشي أبوالأعور، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، والمهاجرين الأولين. قال المصنف: أسلم قديماً، وشهد المشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غير بدر، فإنه كان مع طلحة بن عبيد الله يطلبان خبر عير قريش وضرب له النبي - صلى الله عليه وسلم - بسهم، وكانت فاطمة أخت عمر بن الخطاب تحته، وبسببها كان إسلام عمر، كان آدم طوالاً أشعر. له ثمانية وثلاثون حديثاً، اتفقا على حديثين، وانفرد البخاري بحديث، وروى عنه جماعة. مات بالعقيق فحمل إلى المدينة، ودفن بالبقيع سنة (٥١) وقيل (٥٠) وله بضع وسبعون سنة. (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) أي لا يصح الوضوء ولا يوجد شرعاً إلا بالتسمية، إذ الأصل في النفي الحقيقة، ونفى الصحة أقرب إلى الذات، وأكثر لزوماً للحقيقة فيستلزم عدمها عدم الذات، وما ليس بصحيح لا يجزئ ولا يعتد به فالحديث نص على افتراض التسمية عند ابتداء الوضوء، وإليه ذهب أحمد في رواية، وهو قول أهل الظاهر. وذهبت الشافعية، والحنفية، ومن وافقهم إلى أن التسمية سنة فقط، واختار ابن الهمام من الحنفية وجوبها، وقال الشاه ولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة: هو أي الحديث نص على أن التسمية ركن أو شرط، ويحتمل أن يكون المعنى لا يكمل الوضوء، لكن لا أرتضى بمثل هذا التأويل، فإنه من التأويل البعيد الذي يعود بالمخالفة على اللفظ انتهى. قلت: ويبعده أيضاً القرآن بقوله: لا صلاة لمن لا وضوء له، وفي بعض الروايات، ويبعده أيضاً أن الحمل على نفى الكمال مجاز، ولا يصار إليه إلا عند تعذر الحقيقة، وقيام القرينة على إرادة المجاز وهو منتف ههنا. وحديث "من توضأ وذكر اسم الله عليه كان طهورا لجميع بدنه، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهوراً لأعضاء وضوئه" ضعيف جداً، أخرجه الدارقطني والبيهقي مرفوعاً من حديث ابن عمر، وفيه أبوبكر الداهري عبد الله بن الحكم، وهو متروك ومنسوب إلى الوضع. وأخرجاه أيضاً من حديث أبي هريرة، وفيه مرداس بن محمد بن عبد الله بن أبان عن أبيه، وهما ضعيفان، وأخرجاه أيضاً من حديث ابن مسعود، وفيه يحيى بن هشام السمسار، وهو متروك والحاصل أن هذا الحديث لا يصلح لشدة وهنه أن يكون قرينة لتوجه ذلك النفي إلى الكمال، لا يقال: إنه تعاضد لكثرة طرقه، واكتسب قوة، لأن هذا إنما يفيد إذا كان الضعف في طرق الحديث يسيراً، وأما إذا اشتد الضعف والوهن كما هنا فلا يكتسب الحديث بكثرة طرقه إلا ضعفاً، وأما ما صرح به ابن سيد الناس في شرح الترمذي من أنه قد روى في بعض الروايات:"لا وضوء كاملاً" وقد استدل به الرافعي ففيه انه قال الحافظ: لم أره هكذا- انتهى. وتفوه بعض الحنفية أن قول الحافظ:"لم أره" ليس بحجة على من رآه من المتقدمين. قلت: لا يكفى للاحتجاج على المطلوب راوية أحد كائناً من كان ما لم يعلم كونه حسناً أو صحيحاً، ولم يعلم حال هذه الزيادة، ولم تثبت من وجه معتبر إلى الآن، ولا يمكن لهذا البعض المتفوه ولا لغيره من