٤١١- (١٨) وعن عثمان رضي الله عنه: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته)) . رواه الترمذي، والدارمي.
٤١٢- (١٩) وعن أبي حية، قال: رأيت علياً توضأ فغسل كفيه
ــ
مكابرة منه انتهى. وأما الخفيفة التي ترى بشرتها فيجب إيصال الماء إلى ما تحتها، هذا ما عندي، والله أعلم. واستدل بعضهم على الوجوب بما في حديث أنس من قوله - صلى الله عليه وسلم -: (هكذا أمرني ربي) . وفيه أنه حديث ضعيف لا يصلح مثله للاستدلال على إيجاب شيء، ولو سلم صلاحيته للاستدلال وانتهاضه للاحتجاج ما أفاد الوجوب على الأمة لظهوره في الاختصاص به، وهو يتخرج على الخلاف المشهور في الأصول هل يعم الأمة ما كان ظاهر الاختصاص به - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ والفرائض لا تثبت إلا بيقين، نعم! الاحتياط والأخذ بالأوثق لا شك في أولويته. وأما أحاديث الباب الأخرى مما ذكره الزيلعي والحافظ فهي لا تدل على الوجوب لأنها أفعال (رواه أبوداود) وفي سنده الوليد بن زوران، قال الحافظ في التقريب: لين الحديث. وقال الآجري عن أبي داود: لا ندري سمع من أنس أو لا. وقال الذهبي في الميزان: ماذا بحجة مع أن ابن حبان وثقه انتهى. قال الحافظ في التلخيص (ص٣١) : وله طرق أخرى عن أنس ضعيفة ثم ذكر بعضها مع الكلام عليها.
٤١١- قوله:(كان يخلل لحيته) أي: يدخل يده في خللها وهي الفروج التي بين الشعر، ومنه فلان خليل فلان أي يخالل حبه فروج جسمه حتى يبلغ إلى قلبه، ومنه الخلال (رواه الترمذي والدارمي) وأخرجه أيضاً ابن ماجه، وابن الجارود في المنتقي، والدارقطني وابن حبان والحاكم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال في علله الكبير: قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري: أصح شيء في التخليل حديث عثمان، وهو حديث حسن. وقال الزيلعي: أمثل أحاديث تخليل اللحية حديث عثمان. ونقل الحافظ في التهذيب (ج٥: ص٦٩) تصحيحه عن ابن خزيمة، وابن حبان. وقال الحاكم صحيح الإسناد: وقد احتجا يعني البخاري، ومسلماً بجميع رواته غير عامر بن شقيق، قال: ولا أعلم في عامر طعناً بوجه من الوجوه. وتعقبه الذهبي في مختصره، وقال إن عامر بن شقيق ضعفه ابن معين، وكذا قال تقي الدين. وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات. وللحديث شواهد ذكرها الزيلعي في نصب الراية (ج١:ص٢٦،٢٤) والحافظ في التلخيص (ص٣١) والهيثمي في مجمع الزوائد (ج١:ص٣٣٥) وهي بمجموعها تصلح للاحتجاج على استحباب تخليل اللحية في الوضوء، قال شيخنا في شرح الترمذي: وهذا هو الحق.
٤١٢- قوله:(عن أبي حية) بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء المثناه التحتية، هو ابن قيس الوادعي الهمداني الخارفي ولا يعرف اسمه، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان: وثقة بعضهم، وصحح حديثه ابن السكن وغيره. وقال ابن الجارود في الكنى: وثقة ابن نمير (توضأ فغسل كفيه) أي شرع في الوضوء، أو أراده، فالفاء للتعقيب، أو لتفصيل