٤٥٩- (٥) وعن أنس، قال:((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف على نسائه بغسل واحد)) . رواه مسلم.
٤٦٠- (٦) وعن عائشة، قالت:((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله عزوجل على كل أحيانه)) . رواه مسلم.
ــ
للاستحباب لا للوجوب لما روى الطحاوى عن عائشة، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجامع ثم يعود ولا يتوضأ. ويدل على كونه للاستحباب أيضاً ما زاده ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في هذه الرواية من قوله: فإنه أنشط للعود، فإنه قرينة صارفة للأمر إلى الندب. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.
٤٥٩- قوله:(يطوف) أي: يدور أي: أحياناً وهو كناية عن الجماع (بغسل واحد) أي: يجامعهن متلبساً ومصحوباً بنية غسل واحد بعد الفراغ من جماعهن. وفي رواية لأحمد والنسائي: طاف على نسائه في ليلة بغسل واحد. وهذا يحتمل أنه كان يتوضأ عقب الفراغ من كل واحدة منهن، ويحتمل ترك الوضوء لبيان الجواز ومحمله على عدم وجوب القسم عليه، أو على أنه كان يرضيهن. وقال القرطبي: يحتمل أن يكون عند قدومه من سفر، أو عند تمام الدور عليهن وابتداء دور آخر، أو يكون ذلك عن إذن صاحبة النوبة، أو يكون ذلك مخصوصاً به وإلا فوطء المرأة في نوبة ضرتها ممنوع عنه.
وقال ابن العربي: إن الله خص نبيه بأشياء: منها أنه أعطاه ساعة في كل يوم لا يكون لأزواجه فيها حق يدخل فيها على جميعهن أو بعضهن، فيفعل ما يريد ثم يستقر عند من لها النوبة، وكانت تلك الساعة بعد العصر، فإن اشتغل عنها كانت بعد المغرب. والحديث يدل على ما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - من القوة على الجماع. وفي كثرة أزواجه حكم ومصالح: منها أن الأحكام التي ليست ظاهرة يطلعن عليها فينقلنها، وقد جاء عن عائشة من ذلك الكثير الطيب: ومن ثم فضلها بعضهم على الباقيات. (رواه مسلم) ورواه البخاري أيضاً في كتاب الغسل، وفي النكاح، إلا أنه لم يذكر بغسل واحد لكن يفهم من سياقه. وذكر البخاري عدد النسوة ولم يذكره مسلم. والحديث أخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه.
٤٦٠- قوله:(على كل أحيانه) أي: في كل أوقاته متطهراً ومحدثاً وجنباً وقائماً وقاعداً ومضطجعاً وماشياً. قال النووي: هذا الحديث أصل في جواز ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد وشبهها من الأذكار، وهذا جائز بإجماع المسلمين، وإنما اختلف العلماء في جواز قراءة القرآن للجنب والحائض، فالجمهور على تحريم القراءة عليهما جميعاً، واستدلوا بحديثي علي وابن عمر الآتيين في الفصل الثاني، وسيأتي الكلام على ذلك هناك. واعلم أنه يكره الذكر في حالة الجلوس على البول والغائط وفي حالة الجماع، فيكون الحديث مخصوصاً بما سوى هذه الأحوال، ويكون المراد "بكل أحيانه" معظمها، كما قال الله تعالى {يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم}[١٩١:٣](رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي