للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني لم أكن على طهر)) . رواه أبوداود.

ــ

غير صحيح، لأن ذكر الضربتين والذراعين في هذا الحديث منكر كما سيأتي. (لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني لم أكن على طهر) أي: وكرهت ذكر الله على تلك الحالة. وفيه دليل على منع ذكر الله للمحدث حدثاً أصغر، لأن السلام من أسماء الله تعالى. والحديث الآتي صريح في كراهة الذكر للمحدث، ويعارضه ما تقدم من حديث عائشة: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر الله على كل أحيانه"، فإنه مشعر بوقوع الذكر حال الحدث الأصغر، لأنه من جملة الأحيان المذكورة. وكذلك حديث علي لا يحجزه من القرآن شيء ليس الجنابة، فإذا كان الحدث الأصغر لا يمنعه عن قراءة القرآن وهو أفضل الذكر كان جواز ما عداه من الأذكار بطريق الأولى. والتوفيق بينهما، أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذ في ذلك بالرخصة تيسيراً على الأمة، وفي هذا العزيمة، أي: تعليماً لهم بالأفضل، فالمراد بالمنع والكراهة أدنى الكراهة، فيدل على استحباب ذكر الله تعالى بالوضوء أو التيمم ولا خلاف في ذلك. (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً الطحاوى، ومداره على محمد بن ثابت العبدي، وقد ضعفه ابن معين وأبوحاتم والبخاري وأحمد. وقال أحمد والبخاري ينكر عليه حديث التيمم، يعني هذا. زاد البخاري خالفه أيوب وعبيد الله والناس، فقالوا: عن نافع عن ابن عمر فعله. وقال أبوداود: ولم يتابع أحد محمد بن ثابت في هذ القصة على ضربتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورووه عن فعل ابن عمر. وقال الخطابي في المعالم: حديث ابن عمر لا يصح، لأن محمد بن ثابت ضعيف جداً لا يحتج بحديثه. واعلم أن حديث محمد بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر هذا يدل على أن السلام كان بعد الخروج من غائط أو بول، وأن جواب السلام كان بعد التيمم مع ذكر التعليل فيه، وكذا وقع في رواية ابن الهاد، عن نافع، عن ابن عمر، إلا أنه لم يذكر العلة، ولا ذكر الضربتين والذراعين في صفة التيمم، بل قال: مسح وجهه ويديه. أخرجه أبوداود وسكت عنه وقال المنذري: حديث حسن، ويوافقه ما روى عن أبي جهيم بن الحارث عند الشيخين وغيرهما: أنه أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام. ففيه أن السلام بعد الفراغ، وجواب السلام كان بعد التيمم بدون ذكر العلة. وروى الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر، أن رجلاً سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فلم يرد عليه. أخرجه مسلم والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه. وفيه أن السلام كان حالة البول وأنه لم يرد السلام، وكذا وقع ذكر السلام حالة البول في حديث المهاجر بن قنفذ الآتي، وفي حديث جابر بن عبد الله، وحديث أبي هريرة عند ابن ماجه، إلا أنه ذكر في حديث المهاجر رد السلام بعد الوضوء وفي حديث أبي هريرة بعد التيمم، وقيل: معنى قوله: "توضأ" في حديث المهاجر "تطهر" فيشمل التيمم. وفي الباب أحاديث من غير هؤلاء الصحابة ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (ج١:ص٢٧٦) مع الكلام عليها. واختلف في رفع الاختلاف الواقع في روايات ابن عمر، فحاول بعضهم ترجيح رواية الضحاك عن نافع، عن ابن عمر عند مسلم والترمذي وغيرهما، أن السلام كان في حالة البول كما في أحاديث جابر، وأبي هريرة والمهاجر. وأما قوله: في هذه الرواية: فلم يرد عليه، فمعناه أنه أخر الرد لا أنه ترك الرد مطلقاً، وقد تقدم أن رواية محمد بن ثابت العبدي عن نافع ضعيفة جداً فلا تعارض رواية الضحاك، وأما رواية ابن الهاد عن

<<  <  ج: ص:  >  >>