قال ذهبت بى خالتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت يارسول الله - صلى الله عليه وسلم -! إن ابن أختي وجع، فمسح رأسي، ودعا لي بالبركة، ثم توضأ، فشربت من وضوءه، ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة.
ــ
وقال الزهري: هو من الأزد، عداده في كنانة، وهو ابن أخت النمر، لا يعرفون إلا بذلك صحابي صغير. قال المصنف ولد في السنة الثانية من الهجرة، وحضر مع أبيه حجة الوداع، وهو ابن سبع سنين وخرج مع الصبيان إلى ثنية الوداع لتلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدمه من تبوك. له أحاديث قليلة، اتفقا على حديث، وانفرد البخاري بخمسة. وكان عاملاً لعمر على سوق المدينة. مات سنة (٩١) وقيل: قبل ذلك سنة (٨٨) أو (٨٦) أو (٨٢) يقال: هو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، والله أعلم. (ذهبت بي) الباء للتعدية أي: أذهبتني، وقيل: الفرق بين "ذهب به" وبين "أذهبه" أن معنى "أذهبه" أزاله وجعله ذاهباً ومعنى "ذهب به" استصحبه، ومضى به معه. (خالتي) لم تسم، قال الحافظ: لم أقف على اسمها، وأما أمه فاسمها علية بنت شريح أخت مخرمة بن شريح. (وجع) بفتح الواو وكسر الجيم، أي: مريض، والعرب تسمى كل مريض وجعاً. قال الحافظ: والمراد أنه كان يشتكي رجله: كما ثبت في غير هذا الطريق. وقال ابن حجر: يحتمل أن الوجع كان برأسه، فمسحه عليه الصلوة والسلام بيده المباركة، ليكون ذلك سبباً لشفاءه، فكان الأمر كذلك. قال عطاء مولى السائب: كان مقدم رأس السائب أسود، وهو الموضع الذي مسحه النبي - صلى الله عليه وسلم - من رأسه، وشاب ما سوى ذلك. رواه البيهقي والبغوي. (فشربت من وضوئه) الظاهر أن المراد بالوضوء هنا ما انفصل من أعضاء وضوئه، أي: الماء المتقاطر منها. ففيه دليل على أن الماء المستعمل في الوضوء طاهر، خلافاً لما ذهب إليه بعض الحنفية من أنه نجس مخفف أو مغلظ. وما قيل: أن ذلك من خصائصه، لأن فضلاته - صلى الله عليه وسلم - طاهرة، ففيه أن هذه دعوى غير نافقة، فإن الأصل أن حكمه وحكم أمته واحد، إلا أن يقوم دليل يقتضي بالاختصاص، ولا دليل على كونه من خصائصه، ولا على طهارة فضلاته، بل كان - صلى الله عليه وسلم - يعامل بفضلاته ما يعامل أحدنا بفضلاته. (فنظرت إلى خاتم النبوة) بكسر التاء أي: فاعل الختم، وهو الاتمام والبلوغ إلى الآخر، وبفتحها بمعنى الطابع، ومعناه الشيء الذي هو دليل على أنه لا نبي بعده. وقال البيضاوي: خاتم النبوة أثر كان بين كتفيه نعت به في الكتب المتقدمة، وكان علامة يعمل بها أنه النبي الموعود، وصيانة لنبوته عن تطرق القدح إليها صيانة الشيء المستوثق بالختم. (بين كتفيه) حال من الخاتم، أو صفة له. وفي حديث عبد الله بن سرجس عند مسلم أنه كان إلى جهة كتفه اليسرى. (مثل) بكسر الميم وفتح اللام مفعول نظرت، وروى بكسرها بدل من المجرور. وقال القاري: نصب بنزع الخافض، أي: كمثل، وقيل: بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف هو (هو) . (زر الحجلة) بكسر الزاء وتشديد الراء، واحد الأزرار التي يشد به الكلل والستور على ما يكون في حجلة العروس. والحجلة – بفتح الحاء والجيم – بيت كالقبة يستر