للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يحمل الخبث)) . رواه أحمد، وأبوداود، والترمذي، والنسائي، والدارمي، وابن ماجه.

ــ

وأشهرها، لأن الحد لا يقع بالمجهول، ولذلك قيل: قلتين على لفظ التثنية، ولو كان وراءها قلة في الكبر لأشكلت دلالته فلما ثناها دل أنه أكبر القلال لأن التثنية لا بد لها من فائدة، وليست فائدتها إلا ما ذكرناها، وقد قدر العلماء القلتين بخمس قرب، ومنهم من قدرها بخمس مائة رطل- انتهى. قلت: قد جاء في حديث مرفوع ضعيف تقييد القلتين بقلال هجر، وهو ما روى ابن عدي في الكامل من حديث ابن عمر: إذا بلغ الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شيء. وفي سنده المغيرة بن سقلاب، قال النفيلي: لم يكن مؤتمناً على الحديث. وقال ابن عدي: منكر الحديث لا يتابع على عامة حديثه. وقال الذهبي في الميزان في ترجمته: قال أبوحاتم: صالح الحديث. وقال أبوزرعة: لا بأس به. وقال الشيخ رشيد أحمد الكنكوهى شيخ مشائخ الطائفة الديوبندية: إلزام الإجمال في معنى القلة تحكم، أما أولاً فلأن القلة كانت معلومة عندهم فلا يضر جهالتها عندكم، وأما ثانياً فلما ورد في بعض الروايات من زيادة لفظ يفسر المراد ويتبين الإجمال وهو قوله: من قلال هجر- انتهى. فالاعتذار من القول بحديث القلتين بزعم الإجمال في معنى القلة كما قال الطحاوى (ص٩) وابن دقيق العيد وابن عبد البر في التمهيد، وغيرهم اعتذار بارد لا يلتفت إليه. (لم يحمل الخبث) أي: مالم يتغير لونه، أو طعمه، أو ريحه. والخبث بفتحتين النجس يعنى لم ينجس بوقوع النجاسة فيه كما فسره به في رواية أبي داود الآتية. ولفظ ابن ماجه والحاكم: لم ينجسه شيء. وتقدير المعنى: لا يقبل النجاسة، بل يدفعها عن نفسه، كما يقال: فلان لا يحتمل الضيم، إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه. ولو كان المعنى أنه يضعف عن حمله فينجس، لما بقى الفرق بين ما بلغ قلتين وما دونه، والحديث مسوق لإفادة التحديد بين المقدار الذي لم ينجس. وقيل: معناه لا يقبل حكم النجاسة كما في قوله تعالى: "ثم لم يحملوها" أي: لم يقبلوا حكمها. والحديث بمنطوقه يدل على أن الماء إذا بلغ قلتين لم ينجس بملاقاة النجاسة، وكذا ما هو أكثر من ذلك بالأولى. وذلك إذا لم يتغير فإن تغير نجس، فهو مخصص أو مقيد بحديث إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه. وهو وإن كان ضعيفاً فقد وقع الإجماع على معناه. قال ابن المنذر: قد أجمع العلماء على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له طعماً أو لوناً أو ريحاً فهو نجس -انتهى. والحديث يدل بمفهومه على أن الماء إن كان أقل من قلتين ينجس بالملاقاة. وهذا المفهوم يخصص حديث "خلق الماء طهورا" عند من قال بالمفهوم. (رواه أحمد وأبوداود) وسكت عنه. (والترمذي) لم يتكلم الترمذي على الحديث، وإنما ذكر أقوال العلماء الذي أخذوا به، وهم الشافعي وأحمد واسحق وهذا يشير إلى صحته عندهم وعنده. (والنسائي والدارمي وابن ماجه) ورد في رواية لابن ماجه: قلتين أو ثلاثاً. قال السندي: أي: أو أزيد من قلتين، ذكره لإفادة أن التحديد بقلتين ليس لمنع الزيادة عليه، بل لمنع النقصان عنه، ومثله كثير في الكلام، وليس هو للشك حتى يلزم الاضطراب في الحديث، كما زعم من لا يقول بالحديث - انتهى. والحديث أخرجه أيضاً الشافعي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي. قال الحافظ في الفتح: رواته ثقات، وصححه جماعة من أهل العلم - انتهى. وقال ابن مندة: هو صحيح على شرط مسلم. وقال يحيى بن معين: الحديث جيد الإسناد. وقال البيهقي: إسناد صحيح موصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>