للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: تمرة طيبة وماء طهور. رواه أبوداود، وزاد أحمد، والترمذي. فتوضأ منه. وقال الترمذي: أبوزيد مجهول.

ــ

يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير، نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذاً، وانتبذته اتخذته نبيذاً سواء كان مكسراً أم لا. (تمرة طيبة وماء طهور) أي: النبيذ ليس إلا تمرة وهي طيبة، وماء وهو طهور، فلا يضر اختلاطها، وليس فيه ما يمنع التوضئ. (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً ابن ماجه والدارقطني والبيهقي والطحاوي. (وزاد أحمد والترمذي فتوضأ منه) فيه دليل على أن التوضؤ بالنبيذ جائز، لكن الحديث ضعيف جداً لا يصلح للاحتجاج، كما ستعرف. واعلم أنه إذا ألقى في الماء تمرات فتغير طعمه وصار حلواً لكن كان رقيقاً يسيل على الأعضاء كالماء غير مطبوخ ولا مسكر جاز الوضوء به عند الحنفية مطلقاً، سواء وجد الماء أو لا، خلافاً للأئمة الثلاثة، وهي مسألة الماء المضاف أي: المقيد المخلوط بالشيء، وهذا أحد أقسام النبيذ الأربعة، ولا خلاف في جواز الوضوء به عند أئمة الحنفية. والثاني: ما ألقى فيه تمرات حتى صار حلواً رقيقاً وطبخ ولم يسكر، ولا يجوز الوضوء به عند الأئمة الثلاثة مطلقاً كالأول، واختلف فيه أئمة الحنفية، قال ابن عابدين: لا يجوز به الوضوء في الصحيح كما في المبسوط، ورجح غيره الجواز. وقال الجصاص: عن أبي حنيفة في ذلك ثلاث روايات، إحداها: يتوضأ به ويشترط فيه النية، ولا يتيمم، وهذه هي المشهورة. وقال قاضي خان: هو قوله الأول، وبه قال زفر. والثانية: يتيمم ولا يتوضأ، رواها عنه نوح بن أبي مريم، وأسد بن عمر والحسن بن زياد، قال قاضي خان: وهو الصحيح عنه، والذي رجع إليها، وبها قال أبويوسف وأكثر العلماء، واختار الطحاوي هذا. والثالثة: روى عنه الجمع بينهما، وهذا قول محمد – انتهى. والثالث: من أنواع النبيذ ما أسكر ولا خلاف في عدم جواز الوضوء به. والرابع: ما ألقي فيه تمرات ولم يتغير أي لم يحل، وهذا مما لا خلاف في جواز الوضوء به. وقد ظهر من هذا التفصيل أن محل الاختلاف بين الأئمة الثلاثة وبين أبي حنيفة إنما هو القسمان الأولان والحق في ذلك قول الجمهور لأن النبيذ ليس بماء، وقال تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً} . واحتج لأبي حنيفة بحديث ابن مسعود هذا، وقد أجاب الجمهور عنه بأنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به. قال القاري في المرقاة (ج١:ص٣٤٤) : قال السيد جمال الدين: أجمع المحدثون على أن هذا الحديث ضعيف. وقال الحافظ في الفتح: هذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه – انتهى. وقال النووي: حديث النبيذ ضعيف باتفاق المحدثين. قلت: وضعفه العلماء لوجوه: منها أن في سنده أبازيد وهو مجهول قاله البخاري، وأبوأحمد الحاكم والترمذي وأبوزرعة وابن حبان وأبواسحق الحربي وابن عدى والنووي والبيهقي والحافظ وآخرون. وقال ابن عبد البر: اتفقوا على أن أبا زيد مجهول وأجاب عنه بعض الحنفية بأن جهالة أبي زيد لا تقدح في ثبوت الحديث بعد ورود المتابعات له، فقد تابعه جماعة عن ابن مسعود. قال العيني (ج٣:ص١٨٠) : روى هذا الحديث أربعة عشر رجلاً عن ابن مسعود كما رواه أبوزيد. الأول أبورافع

<<  <  ج: ص:  >  >>