للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومحمداً يعني البخاري، عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح، وكذا ضعفه أبوداود.

ــ

عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ أبوزرعة الرازي القرشي مولاهم، إمام حافظ ثقة مشهور، عن خلق كثير وعنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو حاتم وآخرون. قال الخطيب: كان إماماً ربانياً حافظاً مكثراً. وقال الذهبي: سمع خلقاً كثيراً بالحرمين، والعراق، والشام، والجزيرة، وخراسان، ومصر. وكان من أفراد الدهر حفظاً، وذكاءً، وديناً، وإخلاصاً، وعلماً، وعملاً. وقال ابن حبان في الثقات: كان أحد أئمة الدنيا في الحديث مع الدين والورع، والمواظبة على الحفظ والمذاكرة، وترك الدنيا وما فيه الناس. مات في آخر يوم من سنة (٢٦٤) وله أربعون ستون سنة. وقد بسط ترجمته الذهبي في التذكرة (ج٢:ص١٣٦-١٣٨) والحافظ في تهذيب التهذيب (ج٧:ص٣٠-٣٣) والشيخ في مقدمة شرح الترمذي (ص٢٢٩) . (ومحمداً يعني البخاري عن هذا الحديث، فقالا ليس بصحيح) لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء، قال: حدثت عن كاتب المغيرة مرسلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر فيه المغيرة. (وكذا ضعفه أبوداود) قال: بلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء، وهذا خلاف ما علل به أبوزرعة والبخاري، أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة. قلت: وضعفه أيضاً الشافعي وأحمد وأبوحاتم وموسى بن هارون والدارقطني، وغيرهم. واعلم أنه أعل هذا الحديث بخمس علل: الأولى: تدليس الوليد بن مسلم، وهي مدفوعة بأن الوليد قال: حدثنا ثور، كما في رواية ابن ماجه، وفي رواية الترمذي أخبرني ثور، فلا تدليس. والثانية: أن ثوراً لم يسمعه من رجاء، فإنه قال: حدثت عن رجاء، كما ذكره الأثرم عن أحمد. وأجيب عنها بأن الدارقطني والبيهقي، روياه من طريق داود بن رشيد، وهو ثقة، ثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد: ثنا رجاء بن حيوة. فقد صرح ثور في هذه الرواية بالسماع من رجاء، فزالت العلة. قال الحافظ: لكن رواه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده عن أحمد بن يحيى، عن الحلواني، عن داود بن رشيد، فقال عن رجاء، ولم يقل: حدثنا رجاء، فهذا اختلاف على داود يمنع القول بصحة وصلة مع ما تقدم في كلام الأئمة - انتهى. الثالثة: الإرسال، فقد رواه ابن المبارك عن ثور مرسلاً لم يذكر المغيرة، وأجيب عنها بأن الوليد بن مسلم ثقة، فإن خالفه ابن المبارك في هذه الرواية فإنما زاد أحدهما من الآخر، وزيادة الثقة مقبولة، ولم يتفرد الوليد بذكر المغيرة بل تابعه على ذلك إبراهيم بن أبي حبيبة عند الشافعي في الأم ومحمد بن عيسى بن سميع على ما ذكره الدارقطني في العلل، فقد روياه عن ثور مثل الوليد بن مسلم. والرابعة: أن رجاء لم يسمعه عن كاتب المغيرة، فإنه قال: حدثت عن كاتب المغيرة. كما تقدم. والخامسة: جهالة كاتب المغيرة وهي مدفوعة بما في رواية ابن ماجه من تصريح اسمه بأنه وراد. قلت: الظاهر أن حديث المغيرة هذا ضعيف، فإن العلة الرابعة عقيمة عن الجواب، وهي مؤثرة وحدها في صحة الحديث. وأما ما ذكر من متابعة إبراهيم بن أبي حبيبة، ومحمد بن عيسى بن سميع لثور ففيه أن ابن أبي حبيبة هذا قد ضعفه عامة المحدثين، ووثقة تلميذه الشافعي فقط، ومحمد بن عيسى وإن كان صدوقاً لكنه يخطئ ويدلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>