للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقلت إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك)) . رواه مسلم

٥٥٢- (٦) وعن ميمونة، رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرط،

ــ

بعده. والحامل له على ذلك أنه جاء في حديث أبي هريرة عند مسلم، مثل هذه الواقعة، وفيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في المسجد فحمل القاضي حديثين على اتحاد الواقعة، وهو غير لازم، بل التعدد هو الظاهر. وقال في حاشية مسلم بعد ذكر قول عياض ما نصه: هذا مبني على أن هذه الواقعة، والواقعة المروية في حديث أبي هريرة واحدة لكن المذكور في حديث أبي هريرة الثوب، وفي حديث عائشة الخمرة، فعند الحمل على الاتحاد لا بد من القول بأنه أمر بتناول الأمرين جميعاً ووقع الاقتصار في كل من الحديثين على أحدهما أو أن بعض الرواة نسي الثوب مكان الخمرة، والله تعالى أعلم. فكلمة من على هذا متعلقة بقال في الرواية، وبأمر في الرواية الثانية، وقد يقال: لا حاجة إلى القول بالاتحاد، فيجوز أنه قال لها أولاً وهو في المسجد: ناوليني الثوب. وهذا هو ما روى أبوهريرة، وقال لها ثانياً وهو في البيت: ناوليني الخمرة من المسجد. بأن كان الخمرة قريباً إلى باب عائشة يصل إليها اليد من الحجرة، فرأت عائشة أن الثاني أشد من الأول، فاعتذرت بالحيض ثانياً، وعلى هذا فكلمة من متعلقة بناوليني كما هو الظاهر. (فقلت) أي: معتذرة. (إن حيضتك ليست في يدك) بكسر الحاء اسم للحالة كالجلسة. والمراد الحال التي تلزمها الحائض من التجنب ونحوه، والفتح لا يصح لأنه اسم للمرة، هذا حاصل ما قاله الخطابي. وأنكر هذا عليه عياض، وقال: الصواب ههنا الفتح، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نفي عم يدها الحيض الذي هو الدم والنجاسة، التي يجب تجنبها واستقذارها. فأما حكم الحيض، وحالتها التي تتصف بها المرأة، فلازم ليدها وجميعها وإنما جاءت الفعلة في هيئات الأفعال كالعقدة والجلسة لا في الأحكام والأحوال. قال النووى: هذا الذي اختاره عياض من الفتح هو الظاهر ههنا، ولما قاله الخطابي وجه – انتهى. قلت: الظاهر عندي هو الكسر، لأن عائشة رضي الله عنها كانت تعلم أن نجاسة الحيض التي يصان المسجد عنها ليست في يدها، وإنما امتنعت من إدخال يدها في المسجد لأنها علمت أن الحالة العارضة لها من الحيض، وحكمها قد حلت يدها أيضاً، وصارت يدها أيضاً متلبسة بها، فامتنعت من إدخال اليد معتذرة بأنها حائض، فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: إن حيضتك ليست في يدك، أي: الحالة التي هي كونها حائضة عرضت لها باعتبار مجموعها، لا باعتبار أجزاءها، واتصف بها المجمع اتصافاً واحداً، فلا يقال لليد حائضة حتى يمتنع من إدخالها في المسجد. والحديث فيه دليل على أن للحائض أن تتناول شيئاً من المسجد، وأن من حلف أن لا يدخل داراً أو مسجداً فإنه لا يحنث بإدخال بعض جسده فيه. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وصححه الترمذي وهو صحيح بتصحيح مسلم إياه كما قاله ابن سيد الناس، وإخراجه له في صحيحه.

٥٥٢- قوله: (يصلي في مرط) بكسر الميم وسكون الراء كساء من صوف أو خز كانوا يتزرون به ويكون إزاراً

<<  <  ج: ص:  >  >>