٥٦١- (٣) وعن أم سلمة، قالت:((إن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفت لها أم سلمة النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك، فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم لتصل)) .
ــ
٥٦١- قوله:(إن امرأة) هي فاطمة بنت أبي حبيش، سماها حماد بن زيد ووهيب، وعبد الوارث، وسفيان الثوري في روايتهم عن أيوب، عن سليمان بن يسار عند الدارقطني (كانت تهراق) بضم التاء وفتح الهاء وتسكن، أي: تصب، وتهراق هكذا جاء مجهولا، ونائب فاعله ضمير يرجع إلى المرأة، وهاءه بدل من الهمزة. أراق الماء يريقه، وهراقه يريقه بفتح هاء هراقة، ويقال: أهرقته أهرقه إهراقا بجمع بين البدل والمبدل منه كذا في المجمع. وقد تقدم تحقيقه بأبسط من هذا (الدم) بالنصب على التمييز وإن كانت معرفة على تقدير زيادة اللام، أي: تهراق هي الدم، أو منصوب بنزع الخافض، أي: تهراق بالدم، وفي رواية الدماء بالجمع للدلالة على الكثرة. قيل يجوز فيه الرفع على أنه بدل من ضمير تهراق، أو على أنه مسند إليه، والألف واللام بدل من الإضافة، والتقدير تهراق دماءها (فاستفتت لها أم سلمة) هذا قول الراوي عن أم سلمة، أي: سألت لهذه المرأة بأمرها إياها، ففي رواية للدارقطني: أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت، فأمرت أم سلمة أن تسأل لها. وتقدم في حديث عائشة المتفق عليه: أن فاطمة هي السائلة، وفي حديث أسماء بنت عميس الآتي في الفصل الثالث أن السائلة أسماء، ولا تخالف بين هذه الروايات، فإنه يقال: إن فاطمة أمرت أسماء وأم سلمة كلتيهما أن تسألا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألتا مجتمعتين أو غيرمجتمعتين، وسألت فاطمة بنفسها أيضاً لمزيد التوثق والاحتياط (لتنظر) أي: تتفكر وتعرف (عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن) أي: تحيض فيهن (من الشهر) بيان لهن أو للأيام والليالي. قال الزرقاني: فيه تصريح بأنها لم تكن مبتدأة بل كانت لها عادة تعرفها، وليس فيه بيان كونها مميزة أو غيرها، فاحتج به من قال: أن المستحاضة المعتادة ترد لعادتها ميزت أم لا، وافق تمييزها عادتها أو خالفها-انتهى (قدر ذلك) أي: قدر عادة حيضها (فإذا خلفت ذلك) أي: تركت أيام الحيض التي اعتادتها خلفها، وجاوزتها، ودخلت في أيام الإستحاضة (فلتغتسل) أي: غسل انقطاع الحيض (ثم لتستثقر بثوب) الاستثفار أن تشد فرجها ودبرها بخرقة عريضة بعد أن تحتشى قطنا وتوثق طرفي الخرقة في شيء تشده على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدم. وهو مأخوذ من ثقر الدابة الذي يجعل تحت ذهبه (ثم لتصل) بكسر اللام وإسكانها. وفيه دليل على أن الاغتسال إنما هو مرة واحدة عند انقضاء أيام الحيض، وأن حكم المستحاضة حكم الطاهرة في الصلاة، وكذا في الصيام، والقراءة،