كان له على الله عهد أن يغفر له. ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه)) . رواه أحمد، وأبوداود، وروى مالك، والنسائي نحوه.
٥٧٣- (٨) وعن أبي أمامة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلوا خمسكم،
ــ
(وأتم ركوعهن) أي: وسجودهن كما في رواية لأحمد (ج٥:ص٣١٧) أي: أتى بهما تامين بأن اطمأن فيهما (وخشوعهن) المراد به سكون الجوارح عن العبث والقلب عما يشتغل بغير ما هو فيه من صلاته. واختلفوا في وجوب الخشوع واشتراطه في الصلاة، فذهب الأكثرون إلى عدم الوجوب والاشتراط. وروى عن سفيان الثوري أنه قال: من لم يخشع فسدت صلاته. وروى عن الحسن أنه قال: كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع، ولا شك أن حضور القلب في الصلاة شرط من حيث أن الصلاة لا تنفع في الآخرة إلا به، فإن حضور القلب هو روح الصلاة، فصلاة الغافل في جميعها كالميت، وصلاة الغافل في جميعها إلا عند التكبير كمثل حي لا حراك به، فهو قريب من ميت. قد مال الغزالي إلى اشتراطه في الصلاة، فقد ذكر أدلته في إحياء العلوم، ولأبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي رسالة مفيدة في الخشوع في الصلاة فعليك أن تراجعها (كان له على الله) أي: كرما وتفضلا (عهد) أي: وعد. والعهد حفظ الشيء ومراعاته حالا فحالا، سمى ما كان من الله تعالى على طريقة المجازاة لعبادة عهدا على جهة مقابلة عهده على العباد، ولأنه وعد القائمين بحفظ عهده أن لا يعذبهم، ووعده حقيق بأن لا يخلفه، فسمي وعده عهدا لأنه أوثق من كل وعد وعهد، قاله التوربشتي. وقال القاضي: شبه وعد الله بإثابة المؤمنين على أعمالهم بالعهد الموثوق به الذي لا يخلف، ووكل أمر التارك إلى مشيته تجويز العفوه لأنه لا يجب على الله شيء، ومن ديدن الكرام محافظة الوعد والمسامحة في الوعيد (أن يغفر له) خبر مبتدأ محذوف أي: هو، أو صفة عهد أو بدل منه (ومن لم يفعل) أي: ذلك استخفافاً، وقال القاري أي: مطلقاً، أو ترك الإحسان (إن شاء غفر له) برحمته فضلاً (وإن شاء عذبه) عدلاً، قد استدل به على عدم كفر من ترك الصلاة، وعدم استحقاقه للخلود في النار، وقد تقدم أن للفكر مراتب، ومنها ما لا ينافي المغفرة ولا يوجب الخلود في النار (رواه أحمد)(ج٥:ص٣١٦، ٣١٥)(وأبوداود) أي: باللفظ المذكور في باب المحافظة على الصلوات من حديث عبد الله الصنابحي ورواه أيضاً في "باب من لم يؤتر" من حديث المخدجي بنحوه، وسكت عنه هو والمنذري (وروى مالك) في باب الأمر بالوتر من مؤطاه (والنسائي) في باب المحافظة على الصلوات الخمس، وكذا ابن ماجه وابن حبان والحاكم وابن السكن كلهم من حديث المخدجي (نحوه) أي: بمعناه. قال المنذري: قال أبوعمر النمري يعني ابن عبد البر: لم يختلف عن مالك في إسناد هذا الحديث، وهو صحيح ثابت-انتهى. وله شاهد من حديث أبي قتادة عند ابن ماجه، ومن حديث كعب ابن عجزة عند أحمد.
٥٧٣- قوله:(قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة حجة الوداع (صلوا خمسكم) أي: صلواتكم الخمس، وأضافها إليهم