للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. رواه الترمذي.

٥٨٢- (١٧) وعن أبي الدرداء، قال: ((أوصاني خليلي أن لا تشرك بالله شيئاً. وإن قطعت وحرقت. ولا تترك صلاة مكتوبة متعمداً، فمن تركها متعمداً، فقد برئت منه الذمة.

ــ

عمر، وعثمان وعلي وأبي ذر وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وغيرهم. مات سنة (١٠٨) وقيل: غير ذلك. قال الجريري: كان عبد الله بن شقيق مجاب الدعوة، كانت تمر به السحابة فيقول اللهم لا تجوز كذا وكذا حتى تمطر، فلا تجوز ذلك الموضع حتى تمطر. حكاه ابن أبي خيثمة في تاريخه (كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) منهم عمر، وابن مسعود وابن عباس ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله، وأبوالدرداء وعلي (لا يرون) من الرأي أي: لا يعتقدون (شيئاً) مفعوله (من الأعمال) صفة شيئاً (تركه كفر) صفة أخرى لشيئاً (غير الصلاة) استثناء، والمستثنى منه الضمير الراجع إلى شيئاً قاله الطيبي. والمراد ضمير تركه. والحديث فيه دليل ظاهر على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يعتقدون أن ترك الصلاة كفر. والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة، لأن قوله: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك. قال محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحق يقول: صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تارك الصلاة كافر. وكذلك كان رأي: أهل العلم من لدن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر. وقال ابن حزم: وقد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم: أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمداً حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد، ولا نعلم لهؤلاء من الصحابة مخالفاً - انتهى. (رواه الترمذي) في الإيمان، ولم يتكلم عليه، ورواته ثقات أثبات. وأخرجه أيضاً الحاكم، وصححه على شرطهما. وذكره الحافظ في التخليص والمنذري في الترغيب، ولم يتكلما عليه.

٥٨٢- قوله: (أوصاني خليلي) لما كان هذا الحديث في الوصية متناهياً، وللزجر عن رذائل الأخلاق جامعاً وضع "خليل" مكان "رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إظهار الغاية تعطفه وشفقته، قاله الطيبي (أن لا تشرك) بالجزم على أنه صيغة نهى، وأن تفسيرية لأن في "أوصى" معنى القول. ويجوز النصب على أنه صيغة مضارع، وأن ناصبة مصدرية، والمراد أن لا تظهر الشرك (وإن قطعت) بالتشديد ويخفف (وحرقت) بالتشديد لا غير. وهذا يدل على أنه ينبغي اختبار الموت والقتل دون إظهار الشرك، وهو وصية بالأفضل والعزيمة، فإنه يجوز التلفظ بكلمة الكفر والشرك عند الإكراه لقوله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} [١٠٦:١٦] (متعمداً) احتراز عن الخطأ، والنسيان والنوم والضرورة وعدم القدرة (فقد برئت منه الذمة) كناية عن الكفر تغليظاً، قاله الطيبي. أو المراد منه الأمان من التعرض بالقتل أو التعزير، كذا في المرقاة. وقال الجزري: الذمة والذمام هما بمعنى العهد والأمان، والضمان والحرمة والحق، وسمي أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم. وحديث: فقد برئت منه الذمة. أي: أن لكل أحد من الله عهداً بالحفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>