للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بين الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم. فلما كان الغد: صلى بي الظهر حين كان ظله مثله،

ــ

من البلاد التي يقل فيها الظل، فإذا كان أطول النهار، واستوت الشمس فوق الكعبة لم ير لشيء من جوانبها ظل-انتهى. والمراد منه أن وقت الظهر حين يأخذ الظل في الزيادة بعد الزوال (وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله) أي: بعد ظل الزوال، فيه دليل على أن أول وقت العصر من حين يصير ظل كل شيء مثله. وبه قال: الأئمة الثلاثة، وأبو يوسف ومحمد والحسن وزفر والطحاوي وغيرهم، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة على ما في عامة الكتب. ورواية محمد عنه على ما في المبسوط. كذا في حلية المحلى لابن أمير الحاج. وفي غرر الأذكار: هو المأخوذ به. وفي البرهان: هو الأظهر. وفي الغيض للكركي: عليه عمل الناس اليوم، وبه يفتى. كذا في الدر المختار. والمشهور عن أبي حنيفة أنه لا يدخل وقت العصر حتى يصير ظل كل شيء مثليه. قال الحافظ: لم ينقل عن أحد من أهل العلم مخالفة في ذلك إلا عن أبي حنيفة، فالمشهور عنه أن أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثليه بالتثنية – انتهى. قلت: والرواية الثانية عنه كمذهب الجمهور كما تقدم. قال بعض الحنفية: ونقل السيد أحمد الدحلان رجوع الإمام إلى هذه الرواية عن خزانة المفتين والفتاوى الظهيرية، وهما من المعتبرات، قال: وبها أفتى صاحب الدر المختار، ورد عليه أن عابدين بأنه خلاف ظاهر الرواية فلا يفتى بها وقال: الأرجح عندي ما اختاره صاحب الدر المختار-انتهى. وقال الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي: الدليل يرجح قولهما، وما استدل به على رواية المثلين لا يخلو شيء منها عن شيء. ثم قال: بعد تنقيد ما احتجوا بها على المثلين من الروايات والجواب عنها: فالتحقيق الذي ارتضاه المحققون أن الصحيح من المذهب هو العمل برواية المثل في الظهر ويدخل بعده وقت العصر-انتهى. وقال الشيخ عبد الحى اللكنوى في التعليق الممجد بعد ذكر ما استدلوا بها من الأحاديث على المثلين، والتعقب عليها: والإنصاف في هذا المقام أن أحاديث المثل صريحة صحيحة وأخبار المثلين ليست صريحة في أنه لا يدخل وقت العصر إلا بالمثلين، وأكثر من اختار المثلين إنما ذكر في توجيه أحاديث استنبط منها هذا الأمر، والأمر المستنبط لا يعارض الصريح. وقد أطال الكلام في هذا المبحث صاحب البحر الرائق فيه وفي رسالة مستقلة، فلم يأت بما يفيد المدعي ويثبت الدعوى (حين أفطر الصائم) أي: دخل وقت إفطاره بأن غابت الشمس ودخل الليل، لقوله: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [١٨٧:٢] وفي رواية الترمذي: حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، وهو عطف تفسير إذ بوجوبها أي: سقوطها وغروبها يدخل وقت الإفطار (حين حرم الطعام والشراب على الصائم) يعني أول طلوع الفجر الثاني (فلما كان الغد) أي: اليوم الثاني (صلى بي الظهر حين كان ظله) أي: ظل كل شيء (مثله) أي: مع فيء الزوال. وقال: القاري: أي: قريباً منه

<<  <  ج: ص:  >  >>