٦٥٨- (١٣) وعن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: حدثني أبي، عن جده، ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلال أن يجعل إصبعيه في أذنيه،
ــ
المؤذنين، فما معنى جعله في نداء الصبح بأمر عمر؟ وأجيب عنه بوجوه أوجهها وأولاها أن معنى "أن يجعلها في نداء الصبح" أن يبقيها فيه، ولا يجاوزها إلى غيره بل يقصرها على أذان الصبح، فمقصوده إنكار استعمال هذه الكلمة عند باب الأمير لإيقاظ النائم في غير الأذان المشروع، وإلا فكون "الصلاة خير من النوم" في أذان الفجر أشهر عند العلماء والعامة أن يظن بعمر أنه جهل ما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمر به مؤذنه بلالاً بالمدينة، وأبا محذورة بمكة، فمعنى جعله في نداء الصبح أن يستمر على جعله فيه، ولا يستعمله خارجه عند باب الأمير أو غيره لإيقاظ النائم ونحوه، واختار هذا التوجيه ابن عبد البر، والباجي، وقال الزرقاني: هو المتعين. (رواه) أي مالك في الموطأ بلاغاً. قال ابن عبد البر: لا أعلم أنه روي من وجه يحتج به وتعلم صحته، وإنما فيه حديث هشام بن عروة عن رجل يقال له إسماعيل لا أعرفه. ذكر ابن أبي شيبة: نا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن رجل يقال له إسماعيل قال: جاء المؤذن يؤذن عمر لصلاة الصبح فقال: "الصلاة خير من النوم"، فأعجب به عمر وقال للمؤذن: أقرها في أذانك- انتهى. ورده الزرقاني بأنه قد أخرجه الدارقطني في السنن من طريق وكيع في مصنفه، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر. وأخرج أيضاً عن وكيع، عن سفيان، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر أنه قال لمؤذنه: إذا بلغت "حي على الفلاح" في الفجر فقل: الصلاة خير من النوم- انتهى.
٦٥٨- قوله:(عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد) القرظ المدني، قال البخاري: فيه نظر، وقال ابن معين: ضعيف، وقال الحاكم أبوأحمد: حديثه ليس بالقائم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ في التقريب: ضعيف. (مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بالجر بدل من سعد، ويجوز رفعه ونصبه. (قال) أي عبد الرحمن. (حدثني أبي) أي سعد بن عمار بن سعد، قال ابن القطان: لا يعرف حاله ولا حال أبيه، وقال الحافظ مستور. (عن أبيه) أي عمار بن سعد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ مقبول. (عن جده) أي جد أبي وهو سعد بن عائذ، ويقال ابن عبد الرحمن مولى الأنصار، ويقال: مولى عمار المعروف بسعد القرظ، قيل له ذلك لتجارته في القرظ. كان يؤذن بقباء، فلما ترك بلال الأذان، نقله أبوبكر إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتوارث عنه بنوه الأذان، روى البغوي في معجم الصحابة بسنده: أن سعداً شكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قلة ذات يده، فأمره بالتجارة، فخرج إلى السوق فاشترى شيئاً من قرظ فباعه فربح فيه، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فأمره بلزوم ذلك فلزمه، فسمي سعد القرظ، بقي إلى ولاية الحجاج على الحجاز، وذلك سنة (٧٤) . (أن يجعل إصبعيه) أي أنملتي مسبحتيه. (في أذنيه) أي في صماخيهما، قال الحافظ: لم يرد تعيين الإصبع التي يستحب وضعها، وجزم النووي: أنها المسبحة، وإطلاق الإصبع مجاز عن الأنملة.